أهمية الحس السياسي

mainThumb

13-02-2008 12:00 AM

كتب العديد من الزملاء وأثار عدد من الصحف قضية تعميم وزارة الصحة على الاطباء بالاستفادة من دورات تدريبية في اسرائيل، وخرج موقف من نقابة الاطباء وجهات اخرى يرفض التطبيع، وكل هذه مواقف مفهومة، فالكيان الصهيوني لم يترك لمؤيدي التسوية معه فرصة للدفاع عن خيارهم، فكيف الحال مع رافضي التسوية والتطبيع؟! فما تفعله قوات الاحتلال لا علاقة له بالسلام والتعايش، بل سياسة قتل وتجويع وعدوان.

ومع رفضي الشخصي لمبدأ التطبيع مع الكيان الصهيوني، الا انني سأتوقف عند جانب آخر في اداء وزارة ووزير الصحة وهو التقدير السياسي للمرحلة، فحتى لو كانت الوزارة تؤمن بالتطبيع وتؤمن ان العلم الذي سيأخذه اطباؤنا في اسرائيل لا مثيل له، فإن اصدار التعميم في هذا الوقت شكل نقضا وإساءة لسياسة اردنية اخرى، فالملك يرسل المعونات والتبرعات لأهالي غزة المحاصرين من قبل الاحتلال، والهيئات الرسمية والشعبية تتنادى سياسياً وإعلاميا وانسانيا لمساعدة اهل غزة، والحكومة تعلن تأجيل دفع الرسوم الجامعية لأبناء فلسطين تضامنا مع ظروفهم الناتجة من ظلم الاحتلال وممارساته، ثم يخرج التعميم الذي يدعو الاطباء لحضور دورات تدريبية في اسرائيل؛ فأي حس سياسي وتقدير للمرحلة!

هنالك معاهدة سلام، وهنالك اتفاق سياسي، لكن المسؤول الناجح لديه القدرة على تقدير قراراته، فكل الذي يتم فعله رسميا لإبداء التضامن مع الاشقاء في مواجهة العدوان، وكل المواقف السياسية التي تحاول الجهات الرسمية اعلانها تجاه السياسات الاسرائيلية ينقضها سلوك اداري يخلو من التقدير السياسي، وظهرت الحكاية وكأن هناك رغبة في التطبيع ودعوة للأطباء للذهاب الى اسرائيل، في وقت تمارس فيه سلطات الاحتلال كل انواع الحصار ضد الشعب الفلسطيني.

عندما نقول ان بعض المواقع سياسية، وليست ادارية، فذلك لأن بعض المراحل او المواقف تحتاج الى حسن تقدير وإلى مضمون سياسي. فلم يكن مطلوبا اكثر من هذا. فبعض القضايا ذات بعد اعلامي سياسي وسلوك عادي يتم اعطاؤه حقه الاعلامي فيتحول الى انجاز، وندعو وزارة الصحة الى النظر الى ما فعله لاعب المنتخب المصري محمد ابو تريكة عندما احرز هدفا في بطولة افريقيا ورفع قميصه ليرى المتابعون على فانيلته الداخلية عدة كلمات تعبر عن التضامن مع اهل غزة، فأصبح هذا اللاعب حديث الاعلام والناس، وكُتبت به المقالات وسيكون ضيفا على هيئات رياضية في الاردن، بينما تعميم وزارة الصحة استخرج مقالات وبيانات قدمت الحكومة وكأنها في وادٍ آخر، بينما هنالك العديد من المواقف الاردنية الرسمية الايجابية تجاه الشعب الفلسطيني، مواقف سياسية واعلامية وانسانية، لكن قصة تعميم وزارة الصحة غطت إعلامياً على تلك المواقف.

التطبيع مرفوض من فئات واسعة، لكن حتى من يؤمن به فعليه ان يكون ذكيا ويقدر المواقف، وما فعلته وزارة الصحة لم يكن خاصا بها، بل ترك آثاره على المواقف الرسمية في هذه المرحلة.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد