الثلوج والطوارئ

mainThumb

19-02-2008 12:00 AM

لا تُلام دائرة الأرصاد الجوية وحدها ، فعلى الأجهزة الحكومية المختلفة أن تأخذ حصّتها ، فقد وضعت المواطنين في حالة حربية ، وعلينا أن لا ننسى الإعلام أيضاً ، فصحيفة زميلة خرجت بمانشيت عريض "خطط طوارئ لمواجهة الثلوج" ، وتابعنا إلحاح المذيعين على المتنبئين الجويين لمجرد إخراج كلمة "ثلوج" من ألسنتهم.

وصار الناس كلّهم خبراء ، وذهب الكثيرون إلى أجهزة الكومبيوتر والبحث في "غوغل إيرث" عن منازلهم ومدى ارتفاعها عن سطح البحر ، ولمّا كانت أغلب مناطقنا ترتفع أكثر من ستمائة متر ، ولمّا بلغت التنبؤات مبلغ هذا الارتفاع ، فقد توقع الجميع عمّان بيضاء ناصعة بعد ظهر أمس الأوّل ، ولمّا تأخّر الثلج استمعت إلى مذيعة تسأل مدير الأرصاد: هل صحيح أنّ المنخفض انحرف عنّا؟ فأصرّ على وجوده ، ولم يؤكد أنّ الثلج سيتراكم ، لكنّ الناس أصرت على عمّان بيضاء في الليل ، أو صباح اليوم التالي ، ولكنّ عمّان بقيت كما هي ، مع قليل من ثلوج.

ولو كنّا نعيش في صحراء لفهمنا حالة الارباك الشاملة ، ولكنّنا نعيش في الأردن الذي عرف في حياته مليون ثلجة ، ولو أردنا أن نعود إلى تراثنا فسنعرف مثلاً أنّه ليس على شباط رباط ، وأنّه في آذار سبع ثلجات كبار ، فلماذا إذن هذه اللهفة على الثلوج ، ولماذا هذا الخوف والتحسّب من الثلج نفسه. وما نتمنّاه على علماء الاجتماع دراسة هذا السلوك الجمعي الأردني الذي بات يتكرر مع أية ظاهرة طبيعية عادية ، وما نتمنّاه على أنفسنا أن لا تنطلي علينا بعد اليوم حالات الطوارئ الكاذبة التي تضيّع وقتنا ، وتستفز أعصابنا ، وما زلنا حتى هذه اللحظة نسمع تفسيرات وتبريرات وهناك من يقول إنّ الثلج آت حتى مساء الأربعاء.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد