الإعلام العربي المستهدف

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

في إحدى الندوات العربية لاحظ المفكر المغربي محمد عابد الجابري أن شكلاً واحداً على الأقل من أشكال الوحدة العربية متحقق ، وهو الوحدة الثقافية ، فليس هناك ثقافة تونسية أو يمنية أو سورية بل ثقافة عربية. والكتاب العربي لا يصدر ويباع ويقرأ في قطر واحد بل في جميع الأقطار العربية.

هذا الشكل من أشكال الوحدة يستحق التقدير والمحافظة عليه والانتقال منه إلى أشكال أخرى من الوحدة وصولاً إلى الوحدة القومية ، ولو تحت عنوان فضفاض كالكونفدرالية العربية ، أي إتحاد الدول العربية ، حتى لا نقول وحدة (الشعوب) العربية أو الوحدة العربية.

لكن هناك شكلاً ثانياً من أشكال الوحدة يجسدها مجلس وزراء الداخلية العرب ، فكل الخلافات والشقاقات العربية لا تحول دون التئام هذا المجلس والخروج بقرارات مهمة يتم تطبيقها بدقة وبالتالي يمكن القول بأن هناك وحدة عربية أمنية. نحن لا نتكلم هنا عن الأمن القومي العربي المستباح ، بل عن أمن الدول العربية. أما وزراء الدفاع العرب فلا يجتمعون.

في آخر لقاء لوزراء الداخلية العرب تناولوا الموضوع الإعلامي والمحطات الفضائية التي تمارس تجاوزات لا يطيقها الوزراء مما يفرض إجراءات قمعية ضدها. وإذا لم يكن هذا كافيا فقد اجتمع وزراء الإعلام العربي وأصدروا وثيقة للسيطرة على الإعلام.

يقتضي الإنصاف أن نعترف بأن بعض الفضائيات العربية قد تجاوزت حدود المهنة واللياقة ، ومارست أسوأ أشكال الإعلام ، ولكن العلاج لا يكمن بقمعها أمنياً ، بل بالارتقاء بالوعي والذوق الشعبي ، بحيث ينفر من مثل تلك الممارسات ويدينها ، ويحولها إلى عبء على المحطة المعنية بدلاً من أن تكون جاذباً لجمهور متعطش لحرية القول ، بما في ذلك حرية تبادل الشتائم وربما اللكمات أمام الكاميرا ، كما يحدث في بعض البرامج المعروفة.

قرارات الوزراء العرب كانت حريصة على الصياغة الجيدة ، فهم لا يتحدثون عن قمع حرية التعبير ، بل عن منع الترويج للإرهاب والعنف والكراهية ، وهذا صحيح من النواحي المهنية والأخلاقية ، ولكن الخوف من الممارسة العملية التي قد تعني القمع الإعلامي بأوسع معانيه.

إعلام الفضائيات لا يخلو من الشوائب ، ولكنه حقق انجازاً عندما مكّن العرب في جميع الأقطار من الاستماع إلى نشرة أخبار واحدة ، فالأخبار والمعلومات تنساب بحرية كاملة ، ووسائل القمع التقليدية تقف عاجزة أمام الإعلام الفضائي والإلكتروني الذي لا يعرف الحواجز والحدود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد