المهمة الراهنة للحكومة .. الحرب على الغلاء

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

كما يظهر من متابعة اعمال الحكومة فان مشكلة الغلاء تتصدر اجندتها اليومية من تنفيذ قرار الزيادة على الرواتب والاسراع في صرفها, الى ملاحقة اسعار السلع والعمل على توفيرها في الاسواق, خاصة المؤسسة الاستهلاكية المدنية, الامر الذي يولد القناعة عند الناس بان الحكومة مشغولة, مثلهم, بهذا الغلاء وانها جادة بمعالجة الاختلالات الناجمة عن الزيادات الكبيرة على الاسعار, سواء بسبب تحرير اسعار الطاقة او لان اسعار المواد الغذائية تواجه ارتفاعا مطردا في اماكن انتاجها بسبب الطلب وعوامل الطقس.

هذه المتابعات تخفف من ثقل الحالة الاقتصادية لان المواطن يرى ان الحكومة تشعر بآلامه ومعاناته وتحاول جاهدة تدبير شؤونه, ما هو غير مفهوم, المزاعم التي يطلقها بعض الخبراء بان تحديد الاسعار وتخفيض الضرائب على مستوردات السلع الاساسية وزيادة الرواتب سيؤدي الى الاضرار بالاقتصاد الوطني ووصفها بانها عودة الى دور الدولة والقطاع العام في تسيير الاقتصاد.

نأمل ان لا تصغي الحكومة لمثل هذه الاراء التي يتم التسويق لها تحت عناوين الليبرالية بينما هي ابعد ما تكون عنها. فموضوع الغلاء في الاسعار وتراجع قيمة الدخل للافراد اصبحا الشغل الشاغل لمعظم دول العالم; من الولايات المتحدة والدول السبع الكبرى الى السعودية ودول الخليج هناك قرارات حكومية تعكس رغبة الدول في التدخل لتخفيض الضرائب على المواطنين وعلى السلع المستوردة كما يحدث في السعودية.

الواقع, ان هذا الهجوم على قرارات الحكومة الاخيرة بزيادة الرواتب وتشديد الرقابة على الاسعار, يأتي من اوساط في القطاع الخاص وبعض كبار المنتجين الذين تأخروا كثيرا في الاستجابة لدعوتها باقرار زيادة مماثلة لموظفيهم. كما ان معارضة قرارات الحكومة الساعية للتصدي لاثار التضخم على دخل المواطن بحجة الحفاظ على مصالح المنتجين تنطلق من الدفاع عن المصالح الخاصة الضيقة التي لا يهمها الوضع المعيشي المتدهور لمعظم طبقات الشعب بسبب الارتفاع الجنوني للاسعار والخدمات وتكاليف المعيشة الاخرى.

دول كثيرة في العالم اوقفت تصدير منتجاتها الغذائية مثل الارز, من بينها باكستان ومصر في اطار خطوات مواجهة الغلاء, بينما المدافعون عن حرية المنتجين والتجارة الحرة لا يبدون اي اكتراث عندما تصل اسعار الخضار والبيض والدواجن الى ارقام خيالية بسبب التصدير.

المقلق في الموضوع, ان الحكومة تصفق بيد واحدة. فالقطاع الخاص والتجار لا يريدون الاقتناع بان الوضع اكثر من طارئ, وان الحرب على الاسعار والتخفيف على المواطن تقتضي منهم التضحية بجزء من الارباح والتخلي عن الاحتكار والبدء بزيادة رواتب العاملين في هذا القطاع.

الجانب الاخر المقلق, ان بعض المؤسسات تبدو وكأنها في واد آخر, فعندما تقرر امانة عمان صرف ملايين الدنانير لبناء ابنية ومكاتب, تظهر وكأنها غير معنية بتوفير النفقات, وتخفيض الضرائب لتخفيف الاعباء على سكان العاصمة, وغالبيتهم من الفقراء والطبقة المتوسطة كما ان الامر ينسحب على بنود كثيرة في الموازنة العامة يمكن ان تنتظر, ووجودها يعكس ذهنية (اللهم نفسي).

نحن نعيش في بيت واحد ودولة واحدة, فاذا تم شد الاحزمة في قطاع فعلى الجميع ان يفعل الشيء نفسه والا فان الجهد سيضيع والقربة ستظل مثقوبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد