عمان تفقد هويتها وسط غابة من الابراج

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

عولمة المدن تطال سكانها والانقسام الطبقي يأخذ طابعا حادا...

بعد سنوات قليلة ستتغير ملامح عمان, المدينة التي كانت الجبال السبعة تشكل هويتها ستظهر لها معالم جديدة تتلاشى معها كل المظاهر التي ميزتها عن المدن الاخرى. سلسلة من الابراج الشاهقة بدأت بالظهور في احياء عمان الغربية من الدوار السادس وحتى وادي عبدون آخرها مشروع اعلن عنه امس الاول بكلفة 300 مليون دولار. حيث ستقيم شركة »ليمتلس تورز« مشروعاً عقارياً يشتمل على برجين يبلغ ارتفاع الواحد منهما 200 متر تصفهما الشركة المالكة بأنهما من »العجائب الهندسية« لما يميز تصميمهما الهندسي من تشكيلات معمارية غير مسبوقة.

بعد اقرار المخطط الشمولي لمدينة عمان وتخصيص منطقة لانشاء الابراج وسط المدينة المزدحمة تقدم العشرات من المستثمرين بطلبات لاقامة مبان عملاقة في المنطقة »A«.

وفي منطقة العبدلي تتولى شركة استثمارية الآن اقامة مشروع عقاري سيغير شكل المنطقة التي تتجه لتكون نسخة عن »السولدير« في بيروت, ستقوم ايضا ابراج سكنية عملاقة, في الحي الجديد.

ينظر القائمون على مشاريع التطوير في عمان للظاهرة باعتبارها قفزة هائلة الى الامام ستضع عمان في مصاف المدن العالمية.

وهذا اعتقاد صحيح فعمان مدينة تتجه نحو العولمة بسرعة فائقة وهي تفقد خصائصها وهويتها لصالح صورة جديدة تبدو فيها مثل كل المدن والعواصم المعلومة.

الظاهرة لا تخص عمان فقط ففي العالم العربي كله هوس عمراني بتقليد دبي وهونغ كونغ في الشرق ونيويورك في اقصى الغرب, مدن تتشابه في كل شيء لا تستطيع ان تجد بينها فوارق تذكر. واخشى اننا بعد سنوات لن نعود نميز عمان عن اي مدينة اخرى, ابراج وناطحات سحاب ومولات وسباق مع مدن اخرى لتسجيل ارقام قياسية في الارتفاعات الشاهقة لابنية من حجر.

لا تكتفي العولمة بالانقضاض على الثقافات الخاصة بالشعوب ومحوها لصالح ثقافة استهلاكية واحدة معولمة لكنها في الشكل ايضا تريد صورة واحدة وملامح موحدة للمدن والناس.

عمان على ما يبدو دخلت السباق لتكون بالفعل مدينة تشبه كل المدن, تضيع معالمها التاريخية وطرازها المعماري وسط غابة من الابراج, ومع التوسعة المستمرة في حدود الامانة التي تجاوزت مساحتها مؤخرا 1700 كم مربع, والتوسع العمراني الهائل على حساب المساحات الخضراء تتحول المدينة الى خزان بشري من المستهلكين تعجز المؤسسات القائمة عن توفير احتياجاته من الماء والطاقة والسلع.

ولا تقف متطلبات العولمة في عمان عند هذا الحد فهي كحال مدن العالم الثالث تتجه نحو انقسام طبقي حاد بين فئات اجتماعية غنية من كل الاجناس تسكن الابراج العالية حيث تصل قيمة الشقة الى اكثر من نصف مليون دينار واحياء لا بل احزمة من الاحياء الفقيرة تلف المدينة من كل الاتجاهات, فيما الطبقة الوسطى التي كانت المعلم الانساني لعمان تدفن تحت انقاض الابراج وضربات تحرير الاسعار المتوالية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد