غرامات العراقيين

mainThumb

16-02-2008 12:00 AM

العلاقة بين الاردن والعراق ليست مرتبطة بمحنة او مرحلة سياسية. فكل بلد عمق لشقيقه، وتاريخ التضامن المتبادل بين الشعبين والدولتين طويل وايجابي. والاشقاء العراقيون اتخذوا من الاردن ملاذا منذ الحرب العراقية- الايرانية، ثم حرب الخليج الاولى، وانتهاء بالاحتلال الاميركي الذي جاء منذ عام 2003.

لكن الدولة الاردنية دولة محدودة الموارد. ونحن، المواطنين الاردنيين، نعاني من الاوضاع الصعبة التي تأتي إمّا من نقص موارد او ظروف اقتصادية عالمية او من نقص المساعدات الدولية والعربية. وفي المقابل هنالك حكومة عراقية ذات موارد مالية كبيرة وموازنات بعشرات المليارات، وهذا حقها فهي تأخذ ثروات بلادها، لكن هذه الحكومة مقصرة بحق مواطنيها المهاجرين او المهجرين الى دول عديدة ومنها الاردن، ولم تقم بواجبها تجاه الاردن الذي يستضيف اكثر من نصف مليون عراقي على ارضه، وهؤلاء اشتركوا معنا كأشقاء في الارض وكأس الماء والبنزين والكاز والخبز والمدارس والمراكز الصحية، نقول هذا لا منّا لا سمح الله، لكن هذا الوصف يحمّل حكومة العراق مسؤولية كبيرة لم تقم بها، فتركت العراقيين حتى المهجرين داخل الاراضي العراقية، وفي سورية او لبنان او الاردن، حملا اقتصاديا وامنيا على البلدان التي تستضيفهم.

حكاية الغرامات على الاشقاء العراقيين واحدة من القضايا التي ظهرت مؤخرا، حيث صدر قرار بإعفاء العراقيين الراغبين بالعودة الى بلادهم من كل المبالغ المستحقة عليهم وتبلغ (540) دينارا سنويا. ثم أعلنت الحكومة عن اعفاء بنسبة 50% من الغرامات، لكل عراقي يريد البقاء بشرط ان يصوب اوضاعه خلال شهرين. وهذه المبالغ التي تصل الى عشرات الملايين، او ربما اكثر، هي حق للخزينة يفترض ان تكون الحكومة حريصة عليها. واذا كان من تضامن مع الاشقاء فليكن عبر اتفاق مع الحكومة العراقية، لتتحمل جزءا من هذه المبالغ، فهجرتهم جاءت لان حكومتهم عجزت عن حمايتهم وتوفير الامن والامان لهم، وليكن للحكومة العراقية موقف متضامن مع شعبها يعوض بعضا من تقصيرها لمعاناتهم الاولى، التي تحولت الى عبء على دولة محدودة الموارد، وشعب يعاني من صعوبة الظروف الاقتصادية.

حتى لو ارادت الحكومة ان تقدم اي عون، فليكن موجها للاشقاء من الفقراء، الذين لا يملكون دفع ما عليهم. اما الاعفاء بشكل شامل وللجميع سواء الاعفاء الكامل للمغادرين او الجزئي لمن يريد البقاء، فهذا امر ربما فيه نوع من المبالغة.

هنالك من اشقائنا العراقيين من الفقراء، فإذا تم اي اعفاء كامل للراغبين منهم في المغادرة، فربما يكون هذا مفهوما، لكن هنالك اثرياء، واصحاب ملايين وبيوت وفلل واراضي وسيارات فاخرة، يعيشون في عمان وبعضهم ينفق في الاسبوع اضعاف ما عليه من غرامات، فلماذا هذا القرار الحكومي!

عدد من المواطنين الذين تحدثوا إليّ حول الموضوع طالبوا الحكومة باعفاءات مشابهة سواء لفوائد القروض على المزارعين لدى مؤسسة الاقراض، او غرامات المسقفات المستحقة على المواطنين لدى البلديات وامانة عمان، وغيرها من اشكال الغرامات المستحقة على المواطنين الذين لا يستطيعون السداد.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد