اغتيال عبقرية عسكرية

mainThumb

14-02-2008 12:00 AM

تعودنا من اسرائيل أن تصمت على عمليات الاغتيال الخارجية التي ينفذها الموساد فلا تعلن مسؤوليتها ولا تنفيها وتترك للمراقبين أن يقدّروا معنى ذلك، وهي على العموم لا تتنكر لهذا الأسلوب الارهابي الذي مارسته دائما مع القادة الفلسطينيين واللبنانيين بل ومع آخرين ومنهم بعض العلماء العرب.

أمس صمت باراك عن سؤال حول اغتيال عماد مغنية، وابتسم قليلا فيما بدا أنه استمرار لنفس النهج السابق، لكن بعد وقت قليل نفى مكتب اولمرت ضلوع اسرائيل في اغتيال عماد مغنيّة على لسان الناطق باسم الرئاسة الاسرائيلية. ولا أحد يأخذ على محمل الجدّ هذا النفي، ويمكن التقدير أن القرار بالنفي جاء لتقليل حرج سورية، التي وقع الاغتيال في عاصمتها، في وقت تريد فيه اسرائيل أخذها الى طاولة المفاوضات.

هل هناك احتمالات أخرى؟ ليس أكثر من اشتراك المخابرات الاميركية في العملية، اذ إن مغنيّة مطلوب لهم ايضا ونال جائزة بـ25 مليون دولار لرأسه، فهو متهم رئيسي في تفجير السفارة الأميركية في بيروت بعد الغزو الاسرائيلي عام 82، وخطف رجل الاستخبارات الأميركي وليام باكلي عام 84، وأيضا هو متهم بتفجير السفارة العراقية في ذروة الحرب العراقية- الايرانية عام 85، التي كان من بين ضحاياها بلقيس زوجة الشاعر نزار قبّاني.

العملية في كل الأحوال ضربة موجعة لحزب الله، اذ يقف مغنيّة على رأس الجهاز العسكري للحزب وعجزت اسرائيل طوال عقدين عن النيل منه. وأن يأتي اغتياله في دمشق لهو احراج ما بعده احراج للنظام في سورية، ففي بيروت المفتوحة، لكل أجهزة الاستخبارات عجزت اسرائيل عن اصطياده مما يدلل على أن أمن حزب الله والحلقة المحيطة بالرجل خصوصا كانت عصيّة على الاختراق. فالرجل يتحرك بسريّة مطلقة في لبنان وأمكن تحديد مكانه، والظفر به في سورية!

يبقى احتمال نشير له مهما كان نصيبه ضئيلا، وهو أن اغتيال مغنيّة في دمشق، لم يكن اختراقا اسرائيليا ناجحا، بل عملية تخلص من الرجل حيث هو خارج قلعته الحصينة وحمايته الخاصّة في لبنان، وذلك على خلفية تباين ما في وجهات النظر، ربما كان مغنيّة في دمشق لمناقشتها، ولم تصل الى نتيجة طيبة.

مهما يكن، فالخسارة في كل الأحوال جسيمة، وربما لم يكن عماد مغنيّة معروفا لنا في الإعلام، لكن آثاره كانت تدلّ عليه، فالأداء العسكري المذهل طوال حقبة المقاومة، ثم في المواجهة الأخيرة (حرب تموز) يؤكد اننا أمام عبقرية عسكرية مذهلة.

jamil.nimri@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد