المسمار الأخـير فـي نعــش الحــوار

mainThumb

19-02-2008 12:00 AM

أهدرت أطنان من الحبر وضاعت سدى كميات لا حصر لها من الورق ، وبددت ملايين الدولارات عبر السنوات الماضية على ما سمي بحوار الاسلام والغرب الى أن قامت 17 صحيفة دانماركية مؤخراً بالامعان في الاساءة والاسفاف من خلال اعادة نشرها احدى الرسومات التي جرأت بالتطاول على رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، فوضعت هذه الصحف بذلك المسمار الأخير في نعش هذا الحوار العبثي،

وما زلنا نذكر جميعاً انه بعد الاساءة الأولى التي أقدمت عليها صحيفة دانماركية عندما نشرت الرسوم المستنكرة منذ عام تقريباً ، شهدنا «طفرة» مؤتمرات ولقاءات وحوارات في أوروبا وفي بعض عواصم العالم الاسلامي ، حيث تبادل العقلاء من الجانبين «الذين لا توجد بينهم مشكلة أصلاً» عبارات الصداقة والتودد وأسهب كل طرف في «التغزل» بمحاسن الطرف الآخر وعاد كل مشارك من حيث أتى معتقداً انه حقق المعجزات وانه أسهم في التأسيس لتفاهم أبدي بين الاسلام والغرب،

ولكن خبر اعادة نشر الرسم المسيء مؤخراً من قبل 17 صحيفة دانماركية دفعة واحدة نزل كالصاعقة على رؤوس من أنفقوا مئات الساعات في قاعات الندوات من الفريقين ، فأدركوا ان مسعاهم قد مُني بفشل ذريع وأن جهودهم قد ضاعت هباء منثورا.

ومع ذلك ، فلم نسمع اعترافاً بالفشل واقراراً بالهزيمة من قبل دعاة الحوار من الجانبين بعد إقدام هذه الصحف على تلك الخطوة الاستفزازية. وما لم يقر هؤلاء بأن الطريقة التي ادير بها حوار الاسلام والغرب منذ سنوات ليست هي الطريقة الأمثل ، فأخشى ما أخشاه هو أن نشهد بعد هذه الحادثة الخطيرة المزيد من الحوارات والندوات واللقاءات بنفس الأسلوب والطريقة ، مع اهدار ملايين أخرى من الأموال على نهج ثبت أنه غير مجد ولا يحقق النتائج المرجوة.

واحسب ان مشكلة هذه الحوارات التي جرت عبر السنوات الماضية هي انها ظلت محصورة ضمن اطار النخبة التي لا توجد لديها صعوبة أصلاً في قبول مبادئ التعايش والتفاهم مع الآخر ، فأصبحنا بذلك - كما يقول المثل العربي - كمن ينقل التمر الى ه?Zج?Zر،، فالمشكلة ليست مع النخبة ولكنها مع الجماهير العريضة المشبعة بالعداوة وسوء الفهم.

وقد ثبت الآن ان التحدي الأكبر يكمن في الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الاعلام التي تغذي الحقد والعنصرية والكراهية ، وعليه فان الحوار يجب أن يكون عبر وسائل الاعلام للجماهير العريضة وللاعلاميين أنفسهم الذين يملكون أدوات مؤثرة ومنابر فعالة.. والمهم أن يتوقف المعنيون بهذا الحوار قليلاً ويراجعوا أنفسهم ويقروا بعبثية ما تم انجازه على هذا الصعيد حتى الآن... علّ ذلك يدفعهم الى التفكير في اساليب جديدة غير تلك التي ثبت عدم جدواها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد