شحن وتفريغ

mainThumb

19-02-2008 12:00 AM

درسنا في الصفوف الابتدائية، أن المباني العالية والمآذن الطويلة عادة ما يرفع فوقها (مانعة صواعق) وهي عبارة عن عمود معدني في نهايته قوس أو هلال.. وذلك لتفريغ الشحنات الكهربائية القوية التي تنتج عن البرق..

قلت في نفسي ماذا لو قمنا بتوزيع خُو?Zذْ على المواطنين العرب - وعليها هذه الأعمدة المعدنية (مانعة الصواعق) -..وذلك لتفريغ كل الشحنات الحياتية القوية التي تضرب أدمغتهم ليل نهار..ومن ثم خصم ثمنها من أول زيادة قادمة..

** قبل أيام قالت لي صيدلانية قريبة أن الدواء الوحيد الذي انخفض سعره الى النصف في ظل ارتفاع باقي الأدويه هو علاج الاكتئاب مما يعني أن هناك توسّعاً في استخدامه نتيجة التوسع في ضغوط الحياة..والتي غالباً ما تكون نتيجتها واحدة من اثنتين اما اكتئاب أو جلطة..وهذا مؤشر واضح أن العرب بدأوا باللجوء الى الزهزهة الاجبارية..

** بصراحة زمان كانت وسائل التنفيس كثيرة،وبالتالي كان الاكتئاب والجلطات أقل.. في مباريات كرة القدم مثلاً كنّا نصرخ حتى ننفزِر ليس حباً بالرياضة بقدر ما هو حبّ بالتفريغ..شخصياً كنت أحضر مباريات لا تهمّني لفرق لا تهمني، وأعضّ على دربزين المدرّج عند كل فرصة ضائعة لأي من الفريقين فيحتار الجمهور بأمري ..كيف لي أن أندم على الفرص الضائعة لكلا الفريقين؟!..وكيف لي أن أصفّر وأصفّق لكل من يحرز هدفاً؟!... وكيف لي أن أغضب مع الغاضبين، حتى يطقّ عرق رئيس في رقبتي..وفجأة أسخر مع الساخرين ..حتى يتعبّ فكّي من الضحك؟ ..لم يعرفوا أن كل ما أقوم به، هو فقط لغاياتالزرّ ونفض كربون الأحبال الصوتية ليس الاّ..

** وسيلة أخرى للتفريغ كانت الهوشات ؛ منذ زمن طويل وأنا أشتهي هوشة من هوشاتزمان التي ترفع الرأس وتفشّ الغل، وجوه حمراء، عروق نافرة، شرر حقيقي يتطاير من العيون، وزبد حول الفم أثناء تبادل السباب.. أزرار مقطعة، قمصان ممزقة..اي شيء يرفع المعنوية ..حتى مثل هذه المشاجرات ..لم تعد سهلة المنال، فالزعران الذين كانوا يقومون بمشاكل روتينية و يومية، اعتزلوا المهنة.

** لقد استبدلنا التفريغ اليومي بــنيكوتين الصمت..فأصبحنا مثل جامعي علب الكولا، كل ما نجده في طريقنا نضعه في قلوبنا..

أتمنى لو استطيع أن افرد جهاز ضغط الدم من الخليج الى المحيط وأضع أيادي ملايين العرب دفعة واحدة عليه لأطمئن على صحّتهم ..أتمنى لو أني حاصل على رخصة سياقة محورين لقدت شاحنة محملة بمميعات الدم وأفرغتها في محطات المياه.

ahmedalzoubi@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد