الغلاء يعيد الاعتبار لسياسات الدعم

mainThumb

27-02-2008 12:00 AM

ارتفاع اسعار الغذاء في العالم يفرض على الحكومات اعادة النظر في العديد من السياسات والنظريات السائدة القائمة على الليبرالية, التي ادت الى تراجع دور الحكومات والقطاع العام في توفير الغذاء والدواء والمسكن للقطاعات الشعبية من اصحاب ذوي الدخل المحدود والفقراء.

على سبيل المثال, اعلنت منظمة الغذاء والزراعة التابعة للامم المتحدة انها قد تضطر الى تقنين معونات الاغذية التي تقدمها للدول والشعوب الفقيرة, بسبب ارتفاع اسعار الغذاء, حيث وصلت في العام الماضي الى نسبة 40 بالمئة, مما دفع المنظمة -على لسان الناطقة باسمها جوزيت شيراز- الى دعوة المانحين لزيادة المبالغ المقدمة لها حتى تستطيع التصدي لمشكلة الجوع ونقص قدرة الشعوب على شراء السلع الغذائية.

مشكلة ارتفاع الاسعار اصبحت بالفعل قضية دولية وهي تشكل ضربة للسياسات الليبرالية التي انتشرت في ظل العولمة واصبحت نهجاً اممياً يفرضه البنك الدولي والصندوق الدولي على دول العالم الثالث, ومنها الاردن. حيث تتبنى الدولة النظريات الليبرالية منذ عقدين, وتؤمن باقتصاد السوق القائم على الدفاع عن حرية التجارة مع تحجيم دور الحكومة في القطاع الاقتصادي والاجتماعي.

يشير تقرير المنظمة الدولية الى ان الجوع بدأ يضرب عدداً من الدول مثل اندونيسيا واليمن والمكسيك. وهو ينوه بما تقوم به حكومات عديدة من زيادة الاموال المخصصة لدعم السلع الاساسية, كما فعلت مصر, بينما اعادت الحكومة الباكستانية العمل بالكوبونات.

الاردن يواجه حالة غير مسبوقة من ارتفاع الاسعار, ولقد خففت قرارات الحكومة بزيادة الرواتب مع ابقاء جزء من الدعم على اسطوانة الغاز من الضغوط المعيشية الكبيرة الناجمة عن الغلاء. لكن هذه الاجراءات لا تكفي مقابل التوقعات العالمية بارتفاعات جديدة على اسعار المواد التي تشكل سلة الغذاء الاساسية للاسر.

تقف الحكومة امام تحدي مواجهة ارتفاع الاسعار عالمياً, وامام مهمة تخفيض الاسعار محلياً بمحاربة الاحتكار وضبط الاسواق والاسعار. وقد تكون العودة الى اساليب توسيع الدعم والعمل بالكوبونات من الادوات الاقتصادية للحفاظ على التوازن الاجتماعي, ومحاربة الفقر. وللاردن تجربة ثرية في سياسة الكوبونات, بحيث يمكن الوصول بالدعم الى مستحقيه.

على اية حال, تشكل مسألة وقف الدعم عن الاعلاف اختباراً لسياسات الحكومة الاقتصادية. فاذا كان هذا سيوفر على الخزينة عشرات الملايين, فانه بالمقابل سيؤدي الى تضرر الحياة المعيشية لـ (42) الف اسرة تعتمد على تربية المواشي, الذين سيجدون انفسهم, وقد فقدوا مصدر دخلهم الرئيسي, مرغمين على التوجه الى الحكومة التي ستضطر الى تقديم الدعم المادي المباشر لهم عن طريق مظلة الامان الاجتماعي او غيرها.

قضية الاعلاف التي تهدد دخل اسر عشرات الالاف في البادية والريف تقدم المثال على ضرورة اعادة الاعتبار لسياسات الدعم الحكومية, واستمرارها تحت كل الظروف بعد ان اصبح الغلاء مشكلة دولية تهدد الامن الاجتماعي والغذائي لمعظم شعوب العالم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد