القمة العربية ضرورة أم ترف

mainThumb

27-02-2008 12:00 AM

ثمة تساؤلات تطلق في كل الاتجاهات عن إمكانية عقد القمة العربية الشهر المقبل في دمشق، والتساؤلات تأتي في سياق اختلافات سياسية بين محور الاعتدال (الأردن، السعودية، مصر) من جهة ، وسوريا من جهة أخرى باعتبار أن الأخيرة تقيم تحالفا يوصف بالمناوئ يتشكل من سوريا وإيران يتبعهما حزب الله وحماس.

ما لا شك فيه أن العالم العربي في المشرق منذ انقسامه عقب حرب تموز 2006 على لبنان بين موقفين متعارضين، ولن أقول متصادمين، الأول تشكل من الأردن ومصر والسعودية والأمارات والكويت، فيما تشكل محورا من سوريا وإيران، الأول رفض زج المنطقة إلى تلك الحرب والثاني ساند حزب الله لخوضها إلى النهاية.

صحيح أن الحرب انتهت على غير ما توقعت قوى الاعتدال، لكن الانقسام استمر حتى اللحظة في دعم سياسي منقطع النظير لقوى الموالاة اللبنانية (تيار المستقبل بالأساس) من قبل قوى الاعتدال، ودعم مطلق من سوريا للمعارضة (حزب الله والتيار الوطني الحر).

وأدى التأزم الطاحن في لبنان بين الفرقاء إلى فشل في انتخاب رئيس للجمهورية برغم التوافق على اختيار قائد الجيش العماد ميشيل سليمان، لكن إصرار المعارضة على أن تعالج الأزمة اللبنانية "كحزمة" واحدة حكومة، ورئاسة عطلت انتخاب الرئيس.

في المحصلة الأزمة اللبنانية مستمرة ولا يبدو أن هناك أفق واضح لحل مستقبلي، وفي المحصلة أيضا ستبقى الدول العربية مقسمة بين مؤيد للموالاة ومؤيد للمعارضة، وهنا يبرز سؤال في ظل هذا الانقسام عن مصير القمة العربية.

أقول هنا وبوضوح أن إصرار دول الاعتدال على حسم ملف الرئاسة اللبنانية كشرط لحضور القمة مسألة غير مقبولة لسبب رئيسي وهو أن تكريس عقد القمة أمر يجب أن لا يخضع لاحتمالات ولا يجب أن يسمح للإدارة الأميركية أن تكون سببا في دفع دول عربية لمقاطعتها أو على الأقل تخفيض مستوى التمثيل.

وباعتباري مواطن عربي، ولي تجربة غير مباشرة مع القمم العربية، فان الإخفاقات العربية المتتالية في قممهم لا يجب أن تكون دافعا للتخلي عن دورية القمة، على الأقل لضمان تلاقي الزعماء ولو انتهت اللقاءات بلا نتيجة.

إن الضرورة العربية تفرض نفسها على إنجاح القمة العربية في دمشق، وان الضرورة ذاتها هي التي تفرض على مؤسسة القمة ان لا تضع العراقيل أمام التقاء القادة العرب في دمشق تحت عناوين متعددة من أبرزها وضع الملف اللبناني أمام عربة القمة.

وليس من المفيد لمؤسسة القمة العربية الذهاب بعيدا في وضع الشروط أمام إنجاحها في آذار المقبل، فالمواطن العربي وبالرغم من فقدانه الإيمان بتلك المؤسسة إلا انه سيكون أكثر اطمئنانا إلى انعقاد القمة في دمشق وبتمثيلها الكامل من القيادات العربية، من تخفيض مستوى التمثيل، والجهر بضرورة تقديم حزمة من التطمينات السورية للعرب ولمعسكر الاعتدال، وللبنان، كشرط لحضور القمة.

القمة العربية المقبلة ليست قمة سورية، أو قمة بلد عربي فقط، إنها قمة للعرب جميعهم، ومن هنا يصبح من الضروري وضع الخلافات العربية البينية جانبا، وتحاشي الحديث في تقسيم العرب لمعسكرين" معتدل ومتطرف"، لأن ذلك لن يضر فقط في المصالح العربية المشتركة ، وإنما سيعيد التاريخ للوراء وهو ما لا نريده، ولا نطمح لتحقيقه.

القمة العربية المقبلة في دمشق، ستكون أكثر من مناسبة لتوضيح التوجهات العربية، ولشرح المواقف المختلفة، وفتح قنوات الحوار المباشر بين القيادات العربية، وفي مؤسسة القمة وفي داخلها فقط يمكن ان يصبح الحديث في كل الملفات العربية المفتوحة مباحا ومطلوبا، بهدف تلافي الأخطاء وليس بهدف تعقيدها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد