الأردن وقمة دمشق

mainThumb

27-02-2008 12:00 AM

نقترب من موعد انعقاد القمة العربية الدورية في دمشق ، وسط مؤشرات دالة على أن القمة من حيث توقيتها ومكان انعقادها والشروط المحيطة بها ، قد تكون سببا في تفاقم الخلافات العربية البينية ، بدل أن تكون جسرا للوفاق والاتفاق.

الخلاف السوري - السعودي ، هو العقبة الرئيسة التي قد تمنع التئام القمة ، أو يحول دون التئامها على مستوى الزعماء ، واستتباعا خروجها بقرارات الحد الأدنى المطلوبة في الشرط العربي والإقليمي والدولي الراهن ، وهذا الخلاف إذ ينحصر في الأزمة اللبنانية أو يكاد ، يمكن أن ينفرج أو ينفجر وفقا لنتائج الجهود الرامية لانتخاب رئيس لبناني جديد قبل التئام القمة ، وإذا كانت بعض العواصم العربية تحمّل دمشق مسئولية هذا الخلاف ، فإن لدمشق بدورها حساباتها ورؤاها المغايرة ، وفي مطلق الأحوال ، فإن من السذاجة إلقاء اللائمة على فريق بعينه ، وهو فريق يسهل اتهامه على أية حال ، لكن اللاعبين الآخرين في لبنان ، عربا ولبنانيين ، ليسوا من صنف الملائكة المنزهين عن الغرض والأهواء والحسابات الثأرية الضيقة.

الأردن يجد نفسه بين "نارين" ، فهو من جهة جزء أصيل مما بات يعرف بـ"معسكر الاعتدال" العربي ، وتحديدا "الرباعية العربية" المعروفة ، وهو نجح من جهة ثانية في إضفاء بعض الدفء أو الكثير منه ، على علاقاته الثنائية الباردة مع سوريا ، والتي بلغت حد القطيعة في بعض الأوقات السابقة ، ولهذا سيتعين على الدبلوماسية الأردنية أن "تقيس" خطواتها بميزان من ذهب ، قبل أن تذهب في أي اتجاه من الاتجاهات.

مبدئيا ، المشاركة الأردنية في قمة دمشق محسومة تماما ، فالأردن عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ، وهو لم يقاطع قمة عربية ، وكان على الدوام حاضرا في مؤسسات العمل القومي المشترك ، حتى حين كان قرارات هذه المؤسسات لا تروق له ، بل وتأتي بالضد من توجهاته ، وفي غياب المشاركة السعودية على مستوى القمة ، والذي قد يستتبع غياب مصر على مستوى القمة أيضا ، كما يبدو ملاحظا منذ الآن ، فإن السؤال الذي يقفز إلى الأذهان هو: على أي مستوى سيشارك الأردن في قمة دمشق القادمة؟

من الناحية الدبلوماسية ، قد يبدو طرح السؤال سابقا لأوانه ، لكن من الناحية السياسية ، أحسب أن أي قرار أردني سوف يعتمد مبدأ "توازن المصالح" بين الأشقاء الموزعين على المحاور ، فللأردن مصلحة في الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الرياض ، وله مصلحة لا تقل وزنا وأهمية في الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع دمشق ، خصوصا بعد أن شهدت هذه العلاقات تطورا ملموسا في الأشهر التي أعقبت زيارة الملك إلى دمشق ، ولكي تتوازن المصلحتان فإن مشاركة أردنية "رفيعة المستوى" في القمة ، تبدو أمرا ضروريا للغاية.

من حق الأردن أن يرعى ويحفظ مصالحه مع سوريا ، ومثلما نجيز للأشقاء في "معسكر الاعتدال" حقهم في السعي لتطوير علاقاتهم مع إيران ، وإذا كانت الأطراف الثلاثة الأخرى في "الرباعية العربية" تتسابق لاستعادة وتطوير علاقاتها مع إيران ، فإن من حق الأردن على أشقائه "المشتبكين" مع دمشق سياسيا ، أن يتفهموا سعي الأردن وحرصه على تطوير علاقاته مع سوريا ، ومن حقنا عليهم أن نحافظ على هذه العلاقات من دون أن نقامر بعلاقات بلادنا مع الأشقاء في "الرباعية".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد