ضخامة الرئيس

mainThumb

23-03-2008 12:00 AM

صدمت شخصيا بالفضيحة التي نسبت إلى روحي فتّوح وألحقت به ، فالرجل لم يكن مدرجا في قوائم الفساد والفاسدين والمفسدين المعروفة ، ومعرفتي المتواضعة به خلّفت لدي انطباعات مريحة عن الرجل من حيث موقعه ودوره ومواقفه ، وسجله الشخصي مذ كان مناضلا طلابيا ، لا يجعلك تصدق بأن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، ورئيس السلطة الفلسطينية لستين يوما (قبل أن ينتهي الرصيد على حد تعبيره الساخر) ، يمكن أن ينتهي إلى موضوع تنسج حوله النكات والقصص الساخرة ، وتوزع على أوسع نطاق وبصورة تكاد تكون منظمة.

و"أرغب" في أن أصدق بأن الرجل سقط ضحية "مؤامرة" ، نسجت خيوطها حيتان الفساد والفاسدين ، الذين لم يتورعوا عن فعل أي شيء ، ومصافحة أي يد ، طالما أن النتيجة ستكون صب القمح صافيا في طاحونة مصالحهم الشخصية. وآمل فعلا أن ينتهي التحقيق القضائي ببراءة الرجل ، وبخلاف ذلك فان أي نتيجة ستكون محزنة ومؤسفة للغاية.

التقيته ذات يوم في مكتب السفير عطا الله الخيري ، وكان أيامها "رئيسا انتقاليا للسلطة الوطنية الفلسطينية" ، وقد خاطبناه ممازحين ، السفير وأنا ، بعبارة "ضخامة الرئيس" ، بالنظر لحجمه الكبير ، حيث أجريت معه حديثا للبرنامج المغدور "قضايا وأحداث" ، الذي كنت أعده وأقدمه على شاشة التلفزيون الأردني ، وأحسب أنها كانت واحدة من أنجح حلقات ذلك البرنامج ، بما أحدثته وأثارته من ردات فعل وتعليقات. واستضفته في ندوة بمركز القدس للدراسات السياسية تحت عنوان "القضية الفلسطينية.. إلى أين؟" ، وكان موفقا في طرحه ، هادئا ومقنعا ومحاورا ، وزرته في منزله (شقته) في عمان للتعرف على آرائه بشأن حماس وقطاع غزة والوحدة الوطنية ومنظمة التحرير. ملعونة هي "الدولارات" التي تحرق المناضلين ، وتحوّلهم إلى تجار شنطة ومهربين ، وملعونة هي "السلطة" التي تجعل الأخ يكيد لأخيه وينصب له شركا قرب حاجز تفتيش إسرائيلي ، وملعونة هي "السياسة" حين تتجرد عن الأخلاق وتنفصل عنها.

لست هنا بصدد إطلاق الأحكام ولا استباق التحقيق القضائي ، بل في معرض التعبير عن الصدمة البالغة حد الفجيعة ، لما قرأنا وسمعنا من رواية أو بالأحرى روايات مؤسفة. ويزيدك ألما أن تأتي الفضيحة بعد أيام قلائل من قيام أحد أبرز رموز الفساد الفلسطيني ، إن لم يكن أبرزها جميعا على الإطلاق ، بتوقيع اتفاق لإنشاء "مشروع سياحي" ، وهو الذي لم يكن يمتلك أكثر من "الشبشب" الذي كان ينتعله عندما التحق متأخرا بصفوف الثورة الفلسطينية في بيروت، سبحان الله ، حتى في محاربة الفساد ، الدنيا حظوظ ومعايير مزدوجة وعدالة غائبة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد