العجز الحسابي والعجز الحقيقي

mainThumb

25-02-2008 12:00 AM

إذا أردنا أن نضع إصبعنا على سياسة واحدة مؤثرة على الوضع الاقتصادي الراهن والمستقبلي، فإننا سنضعها على السياسة المالية ، فالسياسة النقدية لا تطمح لأكثر من حماية الاستقرار والتحوط ضد الأزمات قبل وقوعها ، أي أنها سياسة دفاعية. والسياسة التجارية لا تريد أكثر من الانفتاح على العالم وقبول النتائج والتداعيات حلوها ومرها. والسياسة الصناعية -إن وجدت- تشجع قيام الصناعات التي يختارها المستثمرون طالما أنها تخلق فرص عمل.

الموازنة العامة في ظروف الأردن الموضوعية هي المحور الذي تدور حوله جميع السياسات الاقتصادية الأخرى ، فهي التي تحكم إلى حد بعيد معظم مؤشرات الاقتصاد الوطني مثل النمو، والتضخم ، والمديونية ، وإلى حد ما الفقر ، والبطالة ، وبالتالي فإن العجز في الموازنة العامة هو مربط الفرس.

في هذا المجال فإن موازنة 2008 تثير المخاوف ، فهي تعترف بعجز كبير جداً يبلغ 724 مليون دينار ، تضاف إليها 268 مليون دينار من الملحق الأول لتغطية دعم ونفقات أخرى دفعت فعلاً وليس لها مخصصات في الموازنة الأصلية ، مما يرفع العجز الكلي حسابياً إلى 992 مليون دينار ، تشكل ما يقارب 8% من الناتج المحلي الإجمالي ، وتنتهي بتسمين المديونية بمبلغ مشابه.

التخوف من العجز المالي في محله ، ولكن المرجح أنه لن يبلغ هذه الأرقام المرتفعة التي تسجلها الموازنة وملاحقها ، فالإجراءات المشددة التي تعتزم الحكومة اتخاذها كفيلة بإنقاص النفقات الجارية بمبلغ 150 مليون دينار على الأقل. والبطء في إنجاز المشاريع كفيل بتخفيض النفقات الرأسمالية بأكثر من 200 مليون دينار. والتضخم المتوقع سيساعد في زيادة الإيرادات المحلية بما لا يقل عن 150 مليون دينار عما هو مقدر ، وبالتالي فإن العجز الفعلي للموازنة في نهاية السنة لن يكون أكثر من 500 مليون دينار ، أو 4% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي نسبة طبيعية ، وأقل من العجز المحقق في السنة الماضية.

هذا التحليل لا يقصد به تطمين الحكومة بأن الوضع المالي مريح ، بل تحفيزها لتحقيق الوفورات التي اقترحناها ، وبالتالي تخفيض العجز إلى مستوى مقبول ، والتوقف عن الالتزام بمشاريع أو نفقات عامة ليس لها مخصصات مرصودة في الموازنة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد