لا أمن مع الظلم

mainThumb

01-03-2008 12:00 AM

لن تنعم إسرائيل بالأمن والسلام إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في الدولة والاستقلال. تلك هي الرسالة التي وجهها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى العالم أول من أمس عبر الكلمة التي ألقاها في جامعة برنستون الأميركية. وتلك حقيقة أثبتت صحتها ستون عاما من الصراع.

حافظت إسرائيل حتى اللحظة على وجودها عبر جبروت قوتها العسكرية. لكنها ما تزال في عيون ثلث دول العالم كيانا مارقا معزولا مرفوضا. ولن تنجح إسرائيل في المستقبل في تحقيق ما عجزت عنه في الماضي إذا ظلت أسيرة عقلية عنصرية تنكر حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والعدالة.

فالظلم الذي توقعه الدولة الصهيونية على الفلسطينيين سيبقي المنطقة والعالم ساحة صراع لن تستطيع الآلة العسكرية الإسرائيلية حسمه. سيظل الفلسطينيون على رفضهم للاحتلال يقاومونه. وستبقى إسرائيل معتمدة على البطش سبيلا للبقاء.

غياب الإنصاف سيجذر الإحباط. ولا عجب أن الشعور المشروع بالقهر عند الفلسطينيين وباقي العرب يتجلى عداء للغرب نتيجة حتمية للدعم غير المشروط الذي يقدمه لإسرائيل. صراع الحضارات الذي ابتدعه ساسة غربيون تفسيرا لحال العداء بين العرب والغرب هو، حقيقة، صراع حقوق أساسه استمرار إنكار الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين.

هذا الصراع يتفاقم. وهو أيضا يوظف من قبل تيارات متطرفة تهدد العرب ومستقبلهم تماما كما تهدد الغرب ومصالحه. لكن مكمن المشكلة أن الغرب يتعامل مع هذا الخطر بسطحية وضحالة وضيق أفق تشعل المواجهة وتزيد من احتمالات تفجرها عنفا لن يقف عند حدود بدلا من معالجة جذوره تمهيدا لإيجاد بيئة من الأمن تنعكس فائدة للجميع.

هذا ما ذكّر الملك الإدارة الأميركية به أول من أمس بعد أقل من عام من تحذيره في جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين من أن بديل إنصاف الفلسطينيين هو خسارة الشرق الأوسط أمنه واستقراره لمصلحة الفوضى.

أميركا تقول إنها تريد الانتصار على قوى التطرف والإرهاب. وهذا ما يريده العرب. بيد أن طريق هذا النصر الأكيدة هي رفع الظلم الذي يحرم الفلسطينيين حقهم في الحياة. فالاحتلال الإسرائيلي هو أساس الصراع. وإزالة هذا الاحتلال هو شرط إنهائه. وعلى الطاولة مبادرة عربية تعرض إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية.

إسرائيل هي التي ترفض الحل الذي اعتمده العالم أساس السلام الإقليمي. والجهود الأميركية يجب أن تستهدف الرفض الإسرائيلي لقيام الدولة الفلسطينية إذا أرادت واشنطن خدمة مصالحها وأيضا حماية حلفائها الإسرائيليين.

حل الصراع العربي الإسرائيلي سيجلب السلام وسيوجه إمكانات الشرق الأوسط نحو البناء الاقتصادي وتلبية احتياجات أبنائه للتعليم والعمل والإنجاز. ستتراجع قوى التطرف والإرهاب إذا اختفت مشاعر اليأس والإحباط التي يشكل ظلم الفلسطينيين منبعها الرئيس. وسيدخل الإقليم إذذاك مرحلة جديدة تضمن حق الفلسطينيين في الحرية وتحقق لإسرائيل القبول وتعيد تأطير العلاقات العربية الأميركية.

الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة في العالم، قادرة على إيجاد الحل الذي لا بديل عنه لإحلال السلام. والملك إذ تحدث عن ضرورة تفعيل الجهود الأميركية لإنهاء الصراع في المنطقة، أعطى الأميركيين أسبابا مقنعة لفعل ذلك، منتهجا قولا سياسية يدرك المنطلقات المصالحية التي تحرك السياسة الأميركية.

فجلالته يعرف أنه كان يتحدث إلى مجتمع منحاز إلى إسرائيل ومهووس بالخوف من التطرف. ومن أجل ذاك أكد أن في السلام مصلحة لإسرائيل والأميركيين والعرب في آن. فالساسة الإسرائيليون الذين يصرون على الاحتلال يلحقون الضرر بإسرائيل وأميركا والعرب. إذا كانت أميركا تريد إسناد إسرائيل وحماية مصالحها عليها إنصاف الفلسطينيين لأن قبول إسرائيل وإنهاء الصراع معها لن يتحققا بغير ذلك.

والوقت ليس في صالح السلام. إسرائيل ستخسر كما العرب وأميركا إذا هُزمت قوى السلام نتيجة للتعنت الإسرائيلي. وخلاصة كلام الملك أول من أمس هو أن الخيار بيد إسرائيل وأميركا: إما سلام ينصف الفلسطينيين ويضمن الأمن والسلام للجميع وإما الإبقاء على الاحتلال وتسليم الشرق الأوسط، بالتالي، للفوضى والعنف والحروب التي ستفتح الباب أوسع أمام قوى الإرهاب لتسود ولتهدد الأمن العالمي برمته.

safadi@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد