عنصريون تطاردهم عقدة المحرقة

mainThumb

01-03-2008 12:00 AM

ثلاثة وثلاثون شهيدا ، ثلثهم من الاطفال ، سقطوا في الايام الماضية جرّاء المذبحة الاسرائيلية التي تعرضت لها غزة ، وما زال المفاوض الفلسطيني مصّرا على اسقاط خيار المقاومة ، وعلى تحميل "الصواريخ العبثية" مسؤولية هذا العبث التي تمارسه اسرائيل بلا قيود او حدود ، وكأن المطلوب من الفلسطيني المحاصر في غزة ، او المجرد من سلاحه في الضفة ، ان يرفع يديه مستسلماً للمحرقة التي يتوعده بها الجنرلات الذين استقالوا من انسانيتهم ، او ان يتنازل عن حقه في المقاومة لكي يتفرغ الاحتلال لمواصلة مخططاته الاستيطانية والعدوانية ، والتفاوضية ايضاً ، دون ان يردعه أحد.

يتصور الاسرائيلي ان قتل الاطفال: محمد البرعي ذي الخمسة شهور ، او عمر ذي الاربعة عشر ربيعاً ، او غيرهما من الذين نقلت الشاشات لحظات احتضارهم على الهواء ، سيحسم الصراع لمصلحته ، او يكسر شوكة المقاومة ويضعف حماس ، او انه سيعوض هزيمة الجيش في تموز على يد حزب الله ، او انه سيمهد لاجتياح يدفع الشعب المحاصر في غزة للهروب الى سيناء ، او لتسليم مفاتيح السلطة الى المفاوض العتيد لكي تستمر ملهاة المفاوضات ، او لكي يترسخ "الشرخ" الفلسطيني اكثر ، لكن النتيجة على ما يبدو ستكون على العكس تماما ، فالدماء التي سالت على جبهات غزة ستذكي نيران الغضب الفلسطيني اكثر ، وستوحد الشعب على خيار المقاومة ، وستزيد من اصراره على الوحدة ، وستكرّس فيه روح التكافل والصمود ، وستدفعه للثبات على ارضه ، والدفاع عن حقه ، والتضحية بالمزيد من اجل الحياة الكريمة.

الغريب في المشهد هو موقف السلطة الفلسطينية التي ما تزال تراهن على "رؤية" بوش للدولة الفلسطينية القادمة ، وعلى "حكمة" اولمرت في انهاء الصراع ، وعلى استثمارالانفصال بين اجزاء الوطن الواحد لارضاء رعاة المفاوضات والمحرضين على استئصال حماس ، والاغرب من ذلك الصمت العربي الذي ما زال ينتظر فزعة واشنطن ، حتى بعد ان رفضت تمرير قرار مجلس الامن لادانة هذه المجزرة ، وما زال يعول على الحصار ويساهم فيه لدفع المقاومة الى الاستسلام ، وكأن الذي تفعله اسرائيل ، مجرد "بروفة" للردّ على صواريخ الفصائل ، وليست حرباً استئصالية مبيتة تستهدف الامن العربي كله ، ولا عدوانا موجها للعرب كلهم ورسالة تخويف لمن يجرؤ على الخروج عن شروط "الاستسلام" التي فرضتها على الجميع.

غزة تقاوم ، والشعب الفلسطييني الذي ادرك مبكرا معادلة الصراع مع هذه الدولة العنصرية يدفع ضريبة الاصرار على حقه والتمسك بأرضه ، والشهداء الذين سقطوا بالالاف ، والاسرى الذين يقبعون في سجون المحتل ، والمحاصرون الذين لا يجدون رغيف خبز او حبة دواء ، هم جزء من هذه التضحية التي لم تتوقف ، مهما اصرّ العالم "ومعهم العرب" ، على تغطيتها بالذرائع المخجلة ، او الصمت المشبوه ، او الخوف من ردع المحتل بما يتوفر من امكانيات ومقدرات.

مشهد غزة والضفة هذه الايام يبكي الحجر ، ولكنه - ايضا - يفرح القلب ، فهذا الفلسطيني الذي يودع رضيعه ويلفه بعلم فلسطين ليواريه مثواه الاخيرمازال يمتلك الشجاعة ليقول: لا خوف ولا استسلام ولا هروب من قدر المواجهة.. هم يقتلون اطفالنا لانهم خائفون ويهددون بالمحرقة لان عقدتها المغشوشة ما تزال تطاردهم اما نحن "فأقوياء بالحق.. وبالشهادة وبالتشبت بأرض فلسطين الى الابد".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد