عن الهيئات مجدداً

mainThumb

04-03-2008 12:00 AM

قبل أيام قليلة كتبت في هذا المكان عن ضرورة مناقشة التوسع في تأسيس الهيئات القطاعية المتخصصة في حقول محددة كالطاقة والنقل والاتصالات والسياحة وعن الخشية من ان تتحول إلى بديل موضوعي للوزارات وبالتالي تجري عملية إعادة تشكيل لمفهوم الولاية العامة المناطة بالحكومات، فضلا عما يمكن ان تخلقه هذه الزحمة في الإدارة العامة من تغييب للبعد الرقابي بشقيه البرلماني و المحاسبي.

في الدستور يمارس الملك الحكم عبر الوزراء وهذا هو قوام السلطة التنفيذية، والمادة الدستورية في هذا المقام واضحة وبالتالي تبرز حقيقة الحاجة إلى نحت تعريف جديد للهيئات في سياق الإدارة العامة تجعل من هذه الأخيرة جزءاً أساسياً من الجهاز التنفيذي الخاضع لرقابة البرلمان مالياً وإدارياً وكذلك لديوان المحاسبة.

هناك أسئلة لا بد من طرحها تمثل الإجابة عليها المفتاح لمناقشة هذا الموضوع: أولا : لماذا لا تدخل موازنات الهيئات في قوام الموازنة العامة؟ ثانيا: لماذا يتم بناء الجهاز الإداري خارج قوانين وأنظمة وتعليمات الإدارة الحكومية بحيث ولّد هذا الوضع صنفين من الموظفين: موظف الهيئة ذي الدخل المرتفع وموظف الوزارة ذو الدخل الأقل.

ثالثا: لماذا تنص القوانين التي شكلت الهيئات بمقتضاها على كف يد الوزير المعني عن متابعة أنشطة القطاع أو على الأقل تحصل عمليات تضارب في الصلاحيات والمهام .

لقد سألت مشرعين مشهوداً لهم بالخبرة فوزير العدل الأسبق النائب عبد الكريم الدغمي قال ان الحل يكمن في ان تتقدم الحكومة بقانون خاص ينظم عمل الهيئات لجهة الالتزام بإدراج موازناتها في سياق الموازنة العامة وإعادة تعريف موظفها العام بما لا يتناقض مع تعريف الموظف الحكومي والاهم ان تصبح هذه الهيئات بصورة لا تقبل اللبس جزءاً من الإدارة العامة المحكومة بولاية الوزراء كل باختصاصه.

كذلك لم يبتعد كثيرا النائب ممدوح العبادي عن هذا الفهم وزاد ان هذه الهيئات ينبغي ان تتقدم بحسابات ختامية حسب قطاعاتها إلى البرلمان لتكريس مبدأ الرقابة على الإدارة العامة مشددا على أهمية التقدم بقانون خاص بالهيئات ليجري تنظيم تموضعها في الإدارة العامة.

وزراء عاملون وآخرون كانوا في الفريق السابق تقاطعت آراؤهم حول ضرورة تعريف الهيئة بوصفها جزءاً من الإدارة العامة الذراع التنفيذي لولاية الحكومة.

لدينا وزارة للسياحة وفي المقابل لدينا هيئة لذات النشاط وهو شأن يتماثل في العديد من القطاعات كالاتصالات والنقل والإعلام والطاقة وقد يأتي عبقري إداري ويطلب في وقت ما إلغاء الوزارات التي تتشارك والهيئات بذات النشاط لنغدو بين ليلة وضحاها محكومين بهيئات لا رابط بينها ولا تجمعها فلسفة واحدة وأعني هنا فلسفة الدولة.

نحن أمام تحد إداري يحتاج إلى بصيرة وحكمة لكي لا نخسر تراكما بنيناه على مدى 87 عاما هي عمر دولتنا الأردنية.

samizobaidi@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد