فخ الديموقراطية الغربية

mainThumb

25-03-2008 12:00 AM

دفع موظف فرنسي كبير مؤخرا ثمن ايمانه بحرية التعبير الزائفة في بعض الاوساط الأوروبية ، فقد اعتقد هذا الرجل ان باستطاعته أن ينتقد سياسات اسرائيل ، تماما كما يفعل هو وغيره عندما يوجهون سهام النقد الى فرنسا نفسها أو أية دولة اخرى في العالم.

ولكن ما أن نشر برونو غيغ نائب رئيس احدى المديريات في جنوب فرنسا مقاله الذي قال فيه «ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقتل فيها قناصة فتيات لدى خروجهن من المدرسة» حتى أصدرت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال إليو ماري قرارا بعزله من منصبه لأنه «لم يحترم واجب التحفظ» وأدلى بتصريحات «غير مقبولة»،

وفي حقيقة الأمر ، فان هذا الموظف المخدوع بزيف حرية التعبير المزعومة في الغرب ما هو الا حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الضحايا الذين اعتقدوا ان باستطاعتهم التعبير عن ارائهم ازاء جميع القضايا السياسية ، بما في ذلك توجيه النقد لاسرائيل.

فكلنا نذكر عضو مجلس الشيوخ الامريكي بول فندلي الذي جرؤ على انتقاد سياسات اسرائيل ، فحورب في منصبه ورزقه مما دفعه الى اصدار كتابه المزلزل المسمى (من يجرؤ على الكلام) الذي فضح فيه الضغوط الهائلة التي مورست عليه.

ولم ننس بعد تجربة الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي وأفكاره التي أثارت أسئلة جديدة حول المحرقة اليهودية في أوروبا. ولكن حججه لم تقابل بحجج وأفكار تناقشها أو تدحضها بل جوبه بمحاكم وعقوبات.

كما سمعنا بما حدث منذ عامين تقريبا للأستاذين الامريكيين جون ميرشايمر وستيفن والت اللذين كتبا دراسة مطولة حول «اللوبي الاسرائيلي وسياسات الولايات المتحدة الامريكية» خلصا فيها الى ان السياسة الامريكية عملت على تحقيق مصالح اسرائيل وليس أمريكا.

وقد تعرض هذان الاستاذان لعقوبات أكاديمية تأديبية ، ولم يشفع لهما أنهما ينتميان الى جامعتين عريقتين هما هارفرد وشيكاغو.

لقد وقع هؤلاء جميعا في فخ الديموقراطية الغربية واعتقدوا ان حرية التعبير والتفكير متاحة ومصونة في جميع القضايا والموضوعات ، ولم يعلموا أن حرية التعبير الغربية تتوقف عند توجيه أي نقد لاسرائيل ، فهذا من التابوهات المقدسة التي لا يسمح لأحد بتجاوزها أو التعدي عليها.

والدليل على ذلك هو أن سياسيا فرنسيا آخر كان قد وجه عبارات عنصرية مهينة للفلسطينيين قبل حادثة الموظف غيغ بأسبوع ولكنه لم يتعرض لأي اجراء تأديبي. فقد ألقى النائب الفرنسي عن حزب اليمين الحاكم كلود جواسجيان مؤخرا خطابا أمام ألف شخص تقريبا ، وصف فيه الفلسطينيين بأنهم «شعب همجي من الارهابيين المرعبين» ، وقد مرت هذه العبارة العنصرية مرور الكرام ، ولم تحدث أي رد فعل سلبي سوى بعض الجدل الذي دار حولها على مواقع الانترنت الفرنسية.

كل شيء في الغرب قابل للنقاش ضمن حرية التعبير المزعومة ، ما عدا اسرائيل وسياساتها. وبامكان أي سياسي أو صحفي أن ينال من العرب والمسلمين وأن يرسم نبيهم الكريم بأي شكل يشاء.. فهذه حرية تعبير، أما اذا وجه كلمة واحدة يتساءل فيها عن سياسات اسرائيل القمعية بحق الفلسطينيين ، فان حرية التعبير تتوقف هنا.. فأي معايير مزدوجة هذه؟،.

لقد سقط القناع واتضح الزيف ولم تعد هذه الأكاذيب تنطلي على أحد.. ونحن نطلب فقط أن يتوقف أدعياء الحرية في الغرب عن القاء المحاضرات علينا في الحرية والديموقراطية وتوسيع هوامش التعبير في بلادنا.. فليعالجوا أوضاعهم أولا قبل أن يقلقوا علينا ويذرفوا الدموع الكاذبة على حرية التعبير في أوطاننا،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد