الإخوان: انتخابات وتصنيفات

mainThumb

05-03-2008 12:00 AM

هنالك اهتمام اعلامي كبير هذه الايام بنتائج انتخابات مجلس شورى الاخوان المسلمين وما سينتج عنها من انتخابات قيادة جديدة للجماعة. وهنالك اهتمام سياسي غير معلن بهذه الانتخابات. وهنالك تصنيفات واخبار وتسريبات تتحدث في معظمها عن حصة كبيرة لما يسميه الاعلام بتيار المتشددين.

وقبل ان ندخل في التحليل فلا بد من الاشارة الى انه من الناحية الاخبارية لم يتم حسم هذه النتائج. فنسبة منها لم يتم اعتمادها من المكتب التنفيذي للجماعة، وهنالك طعون، وهنالك اخبار لم تثبت حتى الآن منها خسارة د. عبد اللطيف عربيات، وان كان ما هو مرجح فوزه في شعبة السلط. وهنالك حتى اليوم الاربعاء انتخابات لم تجر اي ان الصورة الحقيقية للنتائج لم تتضح، وان كان هذا لا يتعارض مع توقع عام بسيطرة التيار الذي يحمل وصفا اعلاميا بالتشدد، لاسباب عديدة تمثل تراكم نتائج الاحداث داخل الجماعة وخارجها خلال الفترات الماضية. وهنا اشير الى ضرورة الانتباه الى التسريبات التي تأتي من هذا الطرف او ذاك داخل الجماعة، والقراءات التي يحاول البعض تقديمها لوسائل الاعلام.

واذا عدنا الى التصنيفات بين الاعتدال والتشدد، فإن الصورة الحقيقية الخالية من الضجيج السياسي والاعلامي تقول ان المجموعة القيادية التي تقود الجماعة والحزب تمثل رأيا فكريا وسياسيا واحدا وهو ما كان يعبر عنه قبل سنوات بتيار الوسط، وهو تيار يؤمن بالمشاركة والعمل السياسي، وهنالك مجموعة تاريخية كانت تسمى اعلاميا واخوانيا بالصقور، وهذه المجموعة كانت تاريخيا جزءا اصيلا من القيادة، حتى في اكثر مراحل علاقة الجماعة بالدولة توترا، وتحمل فكرا يرى احيانا حرمة المشاركة في البرلمان والحكومات، والبعض يذهب فرديا الى حد عدم الاعتراف بالدستور، لكن هذه المجموعة كانت عمليا جزءا من مسار الجماعة، فكان رموزها اعضاء في مجالس النواب ومارسوا التشريع وفق الدستور.

لكن الحكاية التي انشغل بها اهل السياسة والاعلام ليست بين حمائم وصقور، بل داخل ما يسمى تيار الوسط، وليس هناك فرق في الفكر والعمل السياسي، وان كان التصنيف الذي تحدثت به اوساط رسمية خلال السنوات الاخيرة ويتحدث به بعض رموز الجماعة ان جزءا من هذا التيار الوسطى يرتبط بعلاقات وارتباط مع معادلة خارجية، اي اننا لسنا امام برنامجين احدهما معتدل واخر متشدد، بل بين مجموعتين من ذات المدرسة الفكرية والسياسية، لكن مع اختلاف على معادلة ادارة الجماعة وارتباطاتها، وهذا الاختلاف كان يستدعي من البعض صوتا سياسيا مختلفا ولهجة اعلامية متشددة او لمسة فردية صاخبة قد تكون احيانا جزءا من التنافس الداخلي، او ردا على تعامل رسمي وصل الى حد التجاهل وسد الابواب.

الموقع القيادي الاول ليس مثل قيادة مظاهرة او إصدار تصريح صحافي. فلكل استحقاقاته ومعادلاته. وبناء على ما سبق فإنه حتى لو تحققت التوقعات بسيطرة التيار "المتشدد"، وهو في حقيقته ليس كذلك، فإننا لسنا على موعد مع قيادة متطرفة، بل قيادة لها مسار ومعادلات ومصالح، وعندما نتحدث عن مصالح ومعادلات فهي امر متغير، لأن الامر ليس فكرا او عقيدة، بل مصالح سياسية، لكن هذا التيار الذي تقاطعه الجهات الرسمية قد لا يجد مصلحته في تصدر القيادة لأن هذا التصدر له ثمن سياسي واستحقاق تطلبه القواعد، الا اذا كان تصدر القيادة سيتبعه تغيير لغة الخطاب والعمل بموجب مصالح السياسة.

وعندما نتحدث عن مقاطعة رسمية لرموز هذا التيار، فهذا لا يعني ان الابواب مفتوحة للجزء الاخر من تيار الوسط (المعتدلين). فالانتخابات النيابية تركت حسرة والما لدى رموز المعتدلين، وحتى بعض الخطوات التي تحسب تكريما فإنها مع بعض التشويه والادارة المترددة تحولت الى نقمة تنظيمية على متلقيها، مثل دخول المراقب العام السابق عبد المجيد الذنيبات الى مجلس الاعيان بحيث تعرض الى هجمة كبيرة حتى من رفاقه في تيار الاعتدال، وربما اذا استمرت هذه الهجمة ستدفعه الى غربة في تنظيم كان قبل اقل من عامين مراقبه العام.

من يصفهم الاعلام بالتشدد ليسوا كذلك، لكنها معادلات العلاقات والارتباطات، واحيانا تكون طريقة التعبير المتشددة، والتي لا تكون تطرفا، بقدر ما هي قلة خبرة سياسية. والقراءة الحقيقية لنتائج انتخابات الاخوان وما سيتبعها من انتخابات مبكرة متوقعة في قيادة حزب الجبهة يفترض ان لا تتم وفق تصنيف التشدد والاعتدال او الوسط والتطرف، بل وفق الفروقات الحقيقية والتمايز السياسي ومعادلات كل طرف.

بقي القول ان من حق اي تنظيم ان يختار قيادته، واذا ما تمت انتخابات الاخوان بنزاهة وتم حسمها نهائيا فإن خيار القواعد يجب ان يحترم ايا كان تصنيفه السياسي والفكري. اما معادلة العلاقة مع القيادة القادمة فهذه مرتبطة بأمور اخرى، وقد لا يكون مفاجئا ان تكون العلاقة مع من لم يحظوا (بريق حلو) في المراحل السابقة هي ذاتها مع من كانت الحكومات منفتحة عليهم لرشدهم واعتدالهم.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد