حصار وعدوان وولائم!! .

mainThumb

01-03-2008 12:00 AM

عشرات الشهداء والجرحى سقطوا من أبناء غزة نتيجة العدوان والقتل الصهيوني خلال أقل من خمسة أيام، في حملة متجددة وليست جديدة لتضيف حكومة الاحتلال شكلاً جديداً من أشكال استهداف الشعب الفلسطيني بعد الحصار الظالم الذي يعتبر أكثر قسوة وتأثيراً على الناس من الغارات الجوية، فالحصار استهداف لحق الناس في الحياة وإضعاف لأساسيات الحياة من طعام وشراب ونقل ودواء وكهرباء وماء.. ومراحل الصراع الطويلة جعلت هنالك قناعة راسخة بأن مثل هذا العدوان ليس حديث عهد بل هو جزء أصيل من أدوات الاحتلال منذ كان عصابات وحتى الآن، ولهذا فمن يعرف هذا الكيان لن يستغرب استمرار العدوان.

وفي مراحل سابقة وبعد التحولات في علاقة العرب بالقضية الفلسطينية كان من المآخذ على الموقف العربي الرسمي أنه انتقل من مرحلة الانغماس والتوحد مع القضية الى مرحلة التضامن ومناشدة العالم التدخل، وهذا مأخذ في مكانه، لكن الحصار والعدوان الذي صدر يتعرض له الناس في غزة أظهر تطوراً سلبياً جديداً، هو انتقال حالة التعاطف كوسيلة تعامل داخل الإطار الفلسطيني بعدما انقسمت السلطة سياسياً وجغرافياً الى جزأين، ومن المآسي التي أصبح العالم يشاهدها أن هناك أكثر من صورة في العلاقة بين الفلسطينيين كسلطة والاحتلال، ففي الفترة الأخيرة ومع آخر لقاء بين عباس وأولمرت كان الود وتبادل الضحكات وتناول (العيش والملح) على مائدة أولمرت بينما كان القتل لغة يمارسها جيش الاحتلال في غزة، وكان الحصار الظالم مستمراً ليس على سلطة حماس بل على الشعب الفلسطيني.

لم يعد فقط النظام العربي الرسمي يمارس التضامن مع معاناة الفلسطينيين بل أصبح لغة لجزء من السلطة ايضاً، واللغة السياسية لجزء من السلطة لا تختلف عن إدانة تخرج من أي عاصمة عربية وإسلامية، بل إن جدول أعمال اللقاء بين سلطة رام الله وأولمرت لم يكن معنياً بالحصار. أو وقف القتل والعدوان، فالحديث عن لجان مشتركة لمفاوضات الحل النهائي التي يقول أولمرت عنها إنها لن تحقق تقدماً هذا العام.

وإذا كانت ردود الأفعال الشعبية في الشارع العبري تجاه الحصار والعدوان محدودة، فإن هذا كان يحتاج الى دعم فلسطيني عبر تظاهر ورفض أو على الأقل تجميد المفاوضات بين سلطة رام الله وحكومة أولمرت حتى ظهر الأمر وكأن الحصار وحتى استهداف غزة جزء من سياق علاقات ومسار تفاوضي، وحتى تصريح نائب وزير الدفاع الصهيوني الذي حمل تهديداً بمحرقة للشعب الفلسطيني فإنه أصبح مفهوماً باعتباره تهديداً لفلسطينيي غزة، ونجحت إسرائيل في استغلال حالة الانقسام الفلسطيني لتعاقب جزءاً وتهدده بالمحرقة وتحاصره، مع أن القتل لم يتوقف أيضاً في الضفة لكن الصورة العامة أن غزة هي المستهدفة.

عندما كان الاقتتال الفلسطيني خلال العام الماضي كانت القراءة أن أهم نتائجه ليس فقط القتلى والجرحى بل هدر التعاطف مع القضية الفلسطينية، لكن ما يجري اليوم أكبر من ذلك، فقد تحولت المواقف المنتظرة من سلطة فلسطينية ليس أكثر من التضامن والتعاطف.

عندما أشار الملك في خطابه يوم الجمعة في الولايات المتحدة الى أن (57) دولة لا تقيم علاقة وسلاماً مع إسرائيل فإنه كان يحث الولايات المتحدة على أن تقوم بدورها لإنجاز تسوية على أساس حل الدولتين، واحدة قائمة على الاحتلال وأخرى حق للشعب الفلسطيني، لكن ما تفعله إسرائيل في مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية أنها تحاول إقناع الرأي العام بأن خطوطها دافئة وضاحكة مع جزء معتدل وراشد من الشعب الفلسطيني, لتقول ايضاً إن استبدالها الضحك والموائد المشتركة بالأسر والقتل لان هناك جزءاً آخر من الشعب الفلسطيني متطرف لا يريد السلام، وهو منطق للمماطلة والتسويف في المفاوضات وإعطاء مبرر للعدوان, ولهذا نكرر دعوة حملها الكثيرون بأن على أصحاب القرار الفلسطيني أن يدركوا أن أول وسائل مواجهة الحصار والعدوان والقتل أن يجلسوا معاً بروح وطنية ليقولوا إن ما بينهم ليس أكبر مما بينهم وبين حكومة الاحتلال، لكن عندما يجلس الرئيس ضاحكاً يأكل طعام أولمرت بينما يموت أطفال غزة جوعاً ومرضاً فهذا ليس فقط مكسباً للاحتلال بل يوجد مبرراً لضعف التعاطف واللجوء الى ما هو أقل من أضعف الإيمان للتنديد بالحصار والعدوان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد