كول تقرع طبول الحرب

mainThumb

03-03-2008 12:00 AM

نسمع طبول الحرب تتردد أصدائها في أرجاء المنطقة، ونشعر بها قريبة تحت ظلال تصعيد إسرائيلي- أمريكي في غزة ولبنان، وما قاله لي أحد السياسيين البارزين كان أكثر من واضح عندما أبدى خشية من أن المنطقة ربما تدخل أتون حرب في نيسان أو في محيط نيسان.

لم أسأل هذا السياسي إن كانت نبؤته تستند إلى معلومات أو تحليل، ولم أكبد نفسي عناء مثل هذا السؤال، لأن الشواهد على ان المنطقة تقترب من حرب كثيرة ولا تحتاج إلى عميق قراءة وبعد نظر، فما تحدثه قوات الاحتلال الإسرائيلي من تقتيل وتدمير شنيع وبشع في قطاع غزة، تحت ظلال المدمرة الأميركية (يو أس أس كول) جزء من مشهد يوحي بان المنطقة على مشارف حرب يبدو أنها وشيكة.

والجزء الآخر من المشهد أن ما يجري في لبنان من تأزم حقيقي بين الفرقاء، والفشل غير المعلن للمبادرة العربية بضغط أميركي واضح الملامح يصب في سياق المشهد الموحي بتلك الحرب.

لكن السؤال الذي يطرح الآن، هل ستكون الحرب على سوريا أم لبنان باعتبار الحرب على غزة قائمة لكنها جزء من تلك الحرب. منذ إرسال البنتاغون المدمرة (كول) والمدججة بمزيد من القطع البحرية قبالة الشواطئ اللبنانية كان واضحا ان لا هدف لها إلاّ تأمين غطاء سياسي وعسكري لتحركات إسرائيل الحربية، وهي (إي إسرائيل) المصدومة من نتائج حربها الأخيرة على لبنان (2006) لا تجد بدا من أخذ محصلة النتائج التي خلص إليها تقرير لجنة التحقيق (فينوغراد) بعين الاعتبار، بمعنى ان الردع المعنوي والمادي الإسرائيلي المهدور على يد مقاومة حزب الله لا بد لإسرائيلي من استعادته.

والحال هذه، فإن إسرائيل ستعمل على جبهتين، الأولى: جبهة غزة وهي بدأت بفتحها فعلا لتحقيق هدفين، الأول: إعادة شيء من صورة جيشها الذي لا يقهر بعد ان قهر في جنوب لبنان، واختبار مزيد من الأسلحة الجديدة، والهدف الثاني: إنهاء عقبة حركة حماس التي تقف في وجه محمود عباس (رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية) وتمنعه من تقديم تنازلات في ملفات الوضع النهائي.

إذا المطلوب على صعيد غزة توجيه ضربة قاصمة لحركة حماس وإعادة غزة إلى عباءة عباس، ولا يستبعد ان تكون السلطة الوطنية الفلسطينية منحت أولمرت وباراك شرعية لما يفعلونه في غزة.

الجبهة الثانية، جبهة لبنان، وهي بالضرورة مرتبطة ارتباطا عضويا بسوريا، وبدا تسخين هذه الجبهة بشكل استثنائي منذ اغتيال القيادي العسكري في حزب الله عماد مغنية على الأراضي السورية وتلا ذلك تسخين داخل لبنان بشئ من المصادمات فئات من قوى المعارضة (نصر الله، بري، عون، سليمان فرنجية) وجبهة الموالاة (سعد الحريري، وليد جنبلاط، سمير جعجع، بشير الجميل).

على وقع ذلك، جاءت المدمرة الأميركية (كول) تجر خلفها قطع حربية لتجوب المياه الإقليمية قبالة السواحل اللبنانية، وهدف حضورها أكثر من واضح تأمين غطاء لإسرائيل في المنطقة وكذلك لتقوية عزيمة القوى اللبنانية المعارضة لحزب الله وسوريا وإيران في خطوة يبدو أن أهم هدف لها إنهاء ظاهرة حزب الله.

بمعنى ان احتمالية تحرش إسرائيل بحزب الله واردة أو أنها أي إسرائيل ستنتظر رد حزب الله على اغتيال مغنية لفتح جبهة الجنوب اللبناني، وفتح هذه الجبهة سيوصلها إلى غايتها وستجد حلفاء الداخل اللبناني إلى جانبها.

وتسرب من لبنان معلومات، وهي بالضرورة تحتاج إلى فحص واستكشاف، تشير إلى خيوطا نسجت بين أميركا وإسرائيل وقوى الموالاة أساسه أنه إذا ما شنت حرب على حزب الله فإن ثلاثة جبهات يجب ان تفتح للقضاء على قوة حزب الله، جبهة البحر وتتكفل بها المدمرة (كول) جبهة الجنوب الحدودية وتتكفل بها إسرائيل وجبهة الداخل وتتكفل بها ميليشيات تيار المستقبل وحزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية.

وهذا السيناريو لا يسقط من حساباته دخول سوريا على خط الحرب أو جرها لذلك، واعتقد ان عرقلة عقد القمة العربية وتحميل سوريا مسؤولية فشل المبادرة العربية لانتخاب رئيس للبنان مؤشرات ليست ببعيدة عن وضع المشهد الإقليمي موضع الحرب.

فما لا شك فيه أن سوريا بالنسبة لحزب الله والقوى المتحالفة معه رافعة مهمة، وتصبح استراتيجية عندما نظم إليها إيران، وكذلك حزب الله رافعة مهمة وشوكة لسوريا وإيران في وجه إسرائيل.

إن كسر حلقة الوصل السورية بين إيران وحزب الله، أو ضرب الأخيرة وتحطيمها سيكون بمثابة إضعاف خطير لسوريا التي تراهن على ان حزب الله قادر على تشتيت جهود إسرائيل الحربية إذا ما شنت حرب على سوريا.

إذا المنطقة تغلي والقمة العربية ضرورة عربية قصوى للملمة الواقع العربي بما يمنع الاستفراد بسوريا، ولا يجب بأي حال من الأحوال ربط القمة بانتخاب رئيس للبنان لأن حلحلة أزمة المنطقة ليست رهنا برئيس لبناني طالما غزة تنزف وسوريا تحت مرمى النار والعراق يحتضر و"كول" لم تأت إلى المنطقة في نزهة عبثية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد