الحرب البربرية المفتوحة على غزة

mainThumb

01-03-2008 12:00 AM

أين ستنتهي هذه الحرب البربرية المجنونة على غزة ، كيف ومتى؟...أسئلة لا يبدو أن أحدا لديه إجابة أو حتى مشاريع إجابة عنها ، فإسرائيل من جهة ليست لديها "رؤية سياسية" للتعامل مع هذا الملف ، وحماس التي تمسك بزمام المبادرة في القطاع ، لا تعرف من جهة ثانية ، كيف ستخرج من "أزمة حكمها" للقطاع ومتى وبأية وسيلة. والمرجح أن يستمر الحال على هذا المنوال ، فلا إسرائيل في وارد الحسم العسكري الشامل والنهائي في قطاع غزة ، ولا حماس يمكنها أن تكتفي بتلقي الضربات من دون أن تحرك ساكنا ، أو بالأحرى من دون أن تطلق صواريخا ، بعد أن أصبح إطلاق الصواريخ ، هو الشكل الوحيد المتاح من أشكال ممارسة المقاومة المسلحة بمعناها الدارج.

والحقيقة أن "حرب غزة" باتت تستنزف أطرافها سياسيا ، سواء تلك المنخرطة فيها ميدانيا أو تلك التي تقف على تخومها وحوافها....فحماس ستدفع ثمن "حمام الدم" من شعبيتها في القطاع ، إن لم يكن عاجلا فآجلا ، وحكومة أولمرت بدورها ، ستأكل من رصيدها شعبيتها المتواضع حتى وإن أوغلت في الدم الفلسطيني ، فالمستوطن الإسرائيلي يريد خلاصا ويريده سريعا ، واستمرار الحرب والمجزرة و"المحرقة" سيؤلب الرأي العام الدولي عليها ، وسيجعلها في ضائقة سياسية ، وفي رام الله ستواجه رئاسة أبو مازن وحكومة فيّاض وضعا صعبا كذلك ، فغزة "ما زالت" جزءا من الشعب الفلسطيني ، شاء من شاء وأبى من أبى ، والصمت أو التواطؤ على جرحها النازف محرج للصامتين والمتواطئين ، وخيار المفاوضات الملوث بدماء الأطفال الرضّع لن يكون خيارا مقنعا لأحد ، والحرج سيمتد ليشمل عواصم الاعتدال العربي التي روّجت لخيار أنابوليس ، ورفعت السلام إلى مصاف الخيار الاستراتيجي ومدّت يدها لإسرائيل بكل التنازلات المتاحة ، لتكون النتيجة حربا ودمار ، مجزرة ومحرقة ، تأكل الأخضر واليابس ، في ضفة عباس وغزة حماس على حد سواء.

لا حل عسكريا أو أمنيا لمأزق غزة ، والحصار والتجويع لن يفضيا إلى مطرح أبدا ، وإن كان لا بد من معالجة فلتبدأ بمصالحة فلسطينية - فلسطينية ، وتهدئة فلسطينية - إسرائيلية شاملة ومتبادلة ومتزامنة ، معالجة تفترض من ضمن ما تفترض حوار بين فتح وحماس ، وإسرائيل وحماس ، وبعض العرب وحماس ، فالاحتواء هو أقصر الطرق للاستقرار ، أما الاستبعاد والاستئصال فلن يفضيا سوى إلى مزيد من التشدد والتصلب في مواقف الأطراف تحت إلحاح القناعة بأنه لم يتبق لها سوى هذا المربع الأخير.

في إسرائيل تتنامى الأصوات التي تطالب بفتح قنوات تفاوض مع حماس ، وحماس لديها الاستعداد لاستكمال عمليات جس النبض التي تجريها مع بعض الأوساط الإسرائيلية ، مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، وقد آن أوان تفتيح قنوات الاتصال بين الجانبين ، مثلما آن أوان الحوار الوطني ، وإن كان "لا بد من صنعاء وإن طال السفر" ، فمن الأفضل أن يتم ذلك اليوم وليس غدا.

وضع غزة المأسوي ، يتطلب تغييرا في يومياتنا وأجنداتنا الرتيبة ، يتطلب رفع الصوت عاليا بالاستنكار والتنديد والإدانة ، يتطلب رفع الحصار العربي ونسبيا (الفلسطيني) المضروب على القطاع ، يتطلب تخطي المجتمع الدولي لحالة النفاق التي يعيشها والتصدي للفاشية الإسرائيلية المنفلتة من عقالها ، يتطلب مقاربة سياسية أوسع وأشمل من المقاربات الأمنية الضيقة ، ومن دون هذه المقاربات والمتطلبات فإن جرح غزة سيظل ينزف ومأساتها ستتفاقم وعذابات أطفالها ستتحول إلى لعنات تطارد الجميع من دون استثناء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد