الحكومة والمغتربون

mainThumb

19-03-2008 12:00 AM

جميل أن يعقد وزير التنمية السياسية لقاءات مع المغتربين الأردنيين حتى لو كان غير مفهوم ما العلاقة بين التنمية السياسية والمغتربين أو إن كان ما ينقص المغتربين وما يحتاجون إليه بالفعل أو لا يحتاجون إليه هو التنمية السياسية، وحتى إن كانت تكلفة حجز القاعات والفنادق لرحلة السيد وزير التنمية السياسية، كما ذكرت صحيفة يومية، بلغت حوالي عشرين ألف دينار. فكل غالي يرخص لأجل التنمية السياسية ولأجل المواطنين الأعزاء، وفي جميع الأحوال يمثل المغتربون أولوية كبرى في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد يجب الاهتمام بها كثيرا.

فالمغتربون يديرون القطاع الرئيسي في الصادرات الأردنية، وهو الخدمات والمهن وتشكل تحويلاتهم المالية 2.4 بليون دينار التي تمثل التعبير الرقمي لقيمة هذه الصادرات جزءا رئيسا في الاقتصاد والحركة الاقتصادية والاجتماعية.

ويشكل المغتربون أيضا أفضل استجابة للتحول إلى اقتصاد المعرفة، وتحويل الخبرات والمعارف والمهن إلى سلع يمكن تصديرها وموارد بالغة الأهمية للبلد يمكن مضاعفتها لو جرت العناية بها، بل ويمكن أن تكون في أهميتها وعائدها المادي والاجتماعي أضعاف ما يؤمل تحقيقه من تشجيع الاستثمار والسياحة.

والواقع أن المغتربين يحتاجون إلى استثمار حكومي ومجتمعي كبير يمكن أن يضاعف الموارد المتأتية من عملهم وخدماتهم ويساعدهم في مهمتهم الاقتصادية والاجتماعية، ولا يبدو أن ثمة دورا حكوميا ومجتمعيا أو شركاتيا موجها لتطوير وتفعيل عمل المغتربين، مثل تسويق الكفاءات الأردنية، وتأهيلها للمنافسة العالمية، ورعاية شؤون المغتربين وقضاياهم في بلاد الغربة، مثل التعليم والعلاقة مع أصحاب العمل وحقوق العمل والشعور بالتضامن والدعم والانتماء والمشاركة.

ويبدو أن السفارات الأردنية غائبة عن هذا الدور، ولا يكاد يكون لها حضور يذكر في رعاية ومتابعة شؤون وقضايا ومشكلات العاملين في الخارج، وهم يواجهون مشكلات يومية معقدة وأخرى عامة كبيرة تحتاج إلى دور وحضور أكبر للحكومة والسفارات، ويمكن أن يكون للسفارات دور أكثر فاعلية في تسويق الكفاءات الأردنية وتعزيز دورها وحقوقها في مؤسسات العمل وفي خلق أسواق عمل ومجالات جديدة في دول غير معروفة تقليديا بأنها مستقبل للكفاءات الأردنية أو في مجالات جديدة وواعدة يمكن أن تلتقط الكفاءات الأردنية الفرص المتاحة في مجالها.

وعلى سبيل المثال؛ فإن الهند تعطي أهمية كبيرة لتصدير الكفاءات والأعمال المعرفية، وقد بلغت صادراتها في هذا المجال خمسين بليون دولار، وتخطط الهند في العقدين القادمين لإنشاء سوق عمل من الكفاءات المهنية المتخصصة والمزودة بالخبرات الأساسية ومن أهمها اليوم اللغة الانجليزية ويتقنها مائتان وخمسون مليون شخص. وإذا تحققت هذه الأحلام الهندية فسوف تسيطر الهند على أسواق العمل في الخليج وأوروبا وآسيا، وقد بدأت العمالة الهندية والآسيوية تسيطر على قطاعات عمل كانت تسند تقليديا للكفاءات العربية، وتشكل العمالة الآسيوية اليوم 80% من سوق العمالة الوافدة في الخليج، في حين تناقصت العمالة العربية من 80% في الثمانينيات إلى 20% اليوم، ومن أسباب ذلك إتقان اللغة الانجليزية والدور الرائد الذي تقوم به الحكومة الهندية والسفارات الهندية، وتأهيل الكفاءات بما يناسب السوق. وأخيرا الاستخدام الموسع لشبكة الإنترنت، التي أصبحت تمثل قناة عمل هائلة بين الهند وبين دول الخليج وأوروبا في توفير التصاميم الهندسية والبرامج والاستشارات الطبية والفنية وأعمال المحاسبة من خلال الشبكة.

تستطيع الحكومة، ولا بأس أن تفعل ذلك وزارة التنمية السياسية، أن تعد دراسات ومسوحات شاملة لأسواق العمل وقوانينها وفرصها في الخليج وآسيا وأوروبا وتساعد المغتربين وأصحاب العمل والمهن في بناء قواعد ومؤسسات للعمل من بعد في مجالات أصبح ممكنا إنجازها من خلال الإنترنت، وتستطيع السفارات أن تكون أكثر فائدة لو أنها تسأل فقط، تسأل والله لا يشغل لها بال.

ibrahim.gharaibeh@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد