ارتفاع الاسعار من الحليب الى الحديد

mainThumb

05-03-2008 12:00 AM

الارتفاع المحموم في قائمة الاسعار آخذ في التحول الى أحجية يصعب فهمها او استيعاب اسبابها. نحن امام كرة ثلج تتدحرج بلا توقف ويزداد حجمها يوما بعد آخر.

في رمضان الماضي كانت مشكلة واحدة فقط هي ارتفاع الحليب ومشتقاته. اليوم اكتسح الغلاء كل شيء من الحليب الى الحديد, من اجور النقل الى حبة الفلافل وكأننا امام تسونامي اسعار ناجم عن هزة اقتصادية لا نعلم مركزها ولا نستطيع التنبؤ بتأثيرها التصاعدي على مؤشر الاسعار.

نعترف بأن الظاهرة عالمية, لكن ما يدهشنا توقيتها والسرعة التي انتقلت بها من بلد الى آخر وكأننا امام مناخ طارئ يهدد بكساد اقتصادي عالمي لن يرحم احدا, مع ذلك, يصر السياسيون والاقتصاديون بأن الامور عادية, وطبيعية, وانه بالامكان معالجة الامر. لكن مع كل يوم يمر يستيقظ المواطن الاردني مثل اي مواطن عربي آخر, حتى في بعض الدول النفطية, على موجة جديدة من ارتفاع اسعار غذائه وطعام اسرته حتى وصل الامر الى تكاليف المنزل والنقل ورسوم المدارس.

انها علامات انهيار الليبرالية الاقتصادية ونظريات الرخاء التي تم تسويقها في العالم العربي تحت رايات التجارة الحرة وفتح الاسواق. ليبرالية رأسمالية سبق ان تنبأ بأزمتها اقتصاديون عالميون مثل جورج سوروس, الذي اصدرا كتابا في العام الماضي للتحذير من ان تطبيق الرأسمالية الجديدة لن يؤدي الا الى نشر الفقر في العالم.

مرة اخرى نسلم بالظاهرة العالمية لارتفاع الاسعار, لكن ما لا نسلم به الاستمرار بالسياسات الليبرالية التي قادت الى مآزق اقتصادية خطيرة اوصلت الحكومات في العالم الثالث الى مرحلة العجز عن مساندة واعانة الشعوب في مواجهة خطر الغلاء والجوع والفقر.

اذا كان جورج بوش رئيس اكبر دولة رأسمالية في الكرة الارضية قد تبنى سياسات "الدعم" للاقتصاد الامريكي من اجل مواجهة الركود وخطر الكساد. عندما سن قانون دعم طارئ بأكثر من 140 مليار دولار للاقتصاد الامريكي, فإن ذلك يضع امام جميع الحكومات علامات الطريق لمواجهة الركود, ذلك بالعودة الى سياسات الدعم, التي حطمتها وقضت عليها نظريات الليبرالية الجديدة التي لم تعبأ يوما بالآثار الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة على الشعوب نتيجة اقصاء دور الدولة عن الرعاية الاجتماعية وخلق فرص العمل وتوفير الامن الغذائي والرعاية الصحية.

امام الحكومة الاردنية مثلما هو امام اي حكومة آخر علاج واحد لمواجهة تسونامي الغلاء الكاسح لشتى جوانب الحياة, انه اعادة الاعتبار الى سياسات الدعم للقطاعات الشعبية الاشد تضررا, من اعلاف المواشي الى مواصلة دعم الخبز الى البحث في توفير الغاز بشكل دائم بسعر مقدور عليه, الى التراجع عن القرارات المتوقعة لرفع سعر فاتورة الكهرباء.

بالتأكيد الدعم يحتاج الى مصادر تمويل, وهذا ايضا واجب الحكومة وخبراء سياسات الخصخصة والاستثمار للبحث عن اقصى فائدة في النظام الضرائبي على رأس المال وفي توفير موارد جديدة للموازنة خارج نهج التفكير القائم على استنزاف جيوب المواطنين ودخلهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد