عبد اللطيف عربيات وانتخابات الإخوان

mainThumb

05-03-2008 12:00 AM

بات من المؤكد أنّ د.عبداللطيف عربيات قد نجح في انتخابات الشورى لجماعة الإخوان المسلمين عن مدينة السلط، كما ذكر لي عدد من القيادات والمصادر الموثوقة في الجماعة، رغم أنّ هنالك مصادر أخرى ماتزال تصرّ على نجاح منافسه. ومن المعروف أنّ السرية التي تكتنف انتخابات الإخوان الداخلية عادة هي التي تقف وراء تضارب الأخبار والغموض المعتاد، ما يدفع الصحافيين إلى محاولة الحصول على معلومات من دون القدرة على تأكيدها بالإطلاق، كما يرى نائب المراقب العام جميل أبو بكر، والذي يعترف أنّ على الجماعة أن تعيد النظر في إشكالية التعامل مع الإعلام فيما يخص شؤونها الداخلية.

بالعودة إلى انتخابات شورى الإخوان، فلا يضير عربيات إن نجح أو فشل في هذه الانتخابات أو غيرها، وذلك لا ينقص من مكانته، رمزاً إخوانياً وزعيماً وطنياً بامتياز، بشهادة المسؤولين في الدولة قبل الجماعة. فعربيات هو ممن يؤمنون باللعبة الديمقراطية وبالانتخابات ورغم مكانته وموقعه المعتبر فإنه يصر دائماً على المشاركة مقدماً نموذجاً حيّاً للأجيال القادمة أنّ المدخل إلى العمل السياسي العام وإلى تشكل الزعامات هو الانتخابات فقط.

صحيح أنّ عربيات لم ينجح في الانتخابات النيابية الأخيرة في السلط، لكن ذلك لا يعود إلى عدم شعبيته أو عدم محبته بين أهل السلط، بل أزعم أنّك إن سألت الأغلبية المطلقة من أهل السلط فيما لو اختاروا وفقاً لقناعاتهم الصادقة فإنّ الجواب سيكون هو حتماً د.عبداللطيف عربيات. لكن المشكلة تبقى في قانون الصوت الواحد الذي يمنح الأولوية والأفضلية للقبضة العشائرية الحديدية، فيتم الاختيار وفقاً للقرابة لا الأهلية العلمية والخبرة العملية والحنكة السياسية.

أمّا بخصوص انتخابات الإخوان الداخلية، فالسؤال لا يقف عند حالة عربيات، وإنّما إلى طبيعة الانتخابات الحالية التي تشكل منعطفاً تاريخياً حقيقياً في مسار الجماعة. ليس صحيحاً أنّ الصراع الحالي هو بين تيار متشدد وتيار معتدل، بل هو بعبارة دقيقة وصريحة بين تيار الوسط الذي يتبنى استقلال قرار الجماعة تنظيمياً وسياسياً عن هيمنة حركة حماس ويدفع إلى توطين برنامجها السياسي وبين التيار المقرّب من حركة حماس والذي يسعى هذه المرة إلى عزل تيار الوسط كلياً والقضاء عليه، لوضع جماعة الإخوان رهن تصرف قادة حماس باعتبار أنّ حماس تمثل الفلسطينيين في العالم، بما في ذلك الأردنيون من أصل فلسطيني، وقد سبق لبعض قادة حركة حماس أن صرّح بذلك.

في حال خسارة تيار الوسط في الانتخابات الحالية فإنّ جماعة الإخوان ستفقد خصوصيتها في الأردن وتجعل مستقبلها في مهب الريح، وتضع مقاليدها في أيدي مجموعة من "المراهقين السياسيين" الذين لم يعيشوا الفترة التي ساهم فيها د.عبداللطيف عربيات ود.إسحاق الفرحان، ومحمد عبدالرحمن خليفة ود. بسام العموش والمرحوم د.يوسف العظم، والمرحوم أحمد قطيش الأزايدة، وعبدالمجيد ذنيبات وغيرهم من قيادات تاريخية في تشييد أسس خطاب سياسي معتدل وممارسة حضارية للجماعة.

ربما يتساءل الكثيرون؛ هل يعقل أن يحاول بعض "الإخوان" تكسير

د.عريبات داخل الجماعة؟! أقول: نعم، وقد جرى ذلك مع غيره أيضاً، بل وحوربت شخصيات إخوانية مرموقة بسبب رفضها لأجندة التيار المقرّب من حركة حماس.

بالتأكيد، لا بد أن تتجدد القيادة الإخوانية وأن تخرج وجوه مقتدرة شابة، وهو ما يُذكر للإخوان في الأردن بقدرتهم الدائمة على تجديد القيادات، لكن على أن تسير هذه القيادات على النهج الفكري للمؤسسين وللقادة المحنكين لا أن يهدموا ما بُني، ويستنسخوا تجارب ثبت فشلها.

إنّ خسارة المكتب السياسي لحركة حماس، بتقسيم الإخوان على هذا النحو وإشعال حروب داخلية، كبيرة جداً، ليس فقط على صعيد الإساءة لسمعة حماس ودورها المقاوم في فلسطين، بل على صعيد جرّ جماعة الإخوان، التي تنتمي إليها حماس فكرياً، إلى معركة خاسرة تأكل ما حققته الجماعة خلال العقود السابقة.

الانتخابات الداخلية لم تُحسم بعد، وسوف تستمر الأيام القادمة، والأمل معلّق على قواعد الإخوان ألا يرضخوا للدعايات المسمومة التي تمارِسُ اغتيالاً لقيادات الإخوان التاريخية والشخصيات الوطنية السياسية، وأن يحتكموا إلى العقل حماية للجماعة ومستقبلها.

m.aburumman@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد