عقوبة الجلد

mainThumb

19-10-2007 12:00 AM

يسكت شيخ الازهر ، قدس الله سره ، دهرا ، قبل ان يقول في تصريحات له قبل ايام ان عقوبة الجلد ، هي العقوبة المناسبة للصحفي والاعلامي الذي يحرض على الفتنة ، او ينشر الاكاذيب وغير ذلك من مخالفات.
يسكت شيخ الازهر ، امام كل مذابح المسلمين في العالم ، وعلى الاعتداء على حقوق الناس في عالم العرب والمسلمين ، ويسكت امام الاحتلالات ، ولا يقول رأيا واضحا ، ويتدخل في شأن لا يعنيه اصلا ، وهو من اختصاص القوانين والقضاء ونقابات الصحفيين في العالم العربي ، ويفتي بعقوبة الجلد ، المقررة شرعا اصلا للزناة وشاربي الخمر ، فاذا به يريد زيادة عدد المتنعمين بها ، ويضم الصحفيين ، ضمن قائمة سماحته.
قلت مرة ان بعض مصيبتنا ، هي في بعض علماء الدين ، لدينا ، ومثل شيخ الازهر نجد كثرة هنا في الاردن ، وفي كل الدول العربية ، فالسلفي يشتم الصوفي ، والصوفي يحتقر الوهابي ، والسني يكفر الشيعي ، والشيعي غاضب منذ الف واربعمائة عام ، جراء خلافات سياسية ، والمنتمي للدعوة والتبليغ ، يشك في الاخوان المسلمين ، والاخواني يشك في كل الجماعات الاسلامية ، والقاعدة تفجر يمينا وشمالا ، ولكل تنظيم مفتْ ، ولكل حركة مفتْ ، ولكل دولة مفتْ ، ولكل حزب سري او علني مفتْ ، ثم نأتي نحن ...ونتهم المجهول بوجود مؤامرة علينا ، من جهات اجنبية ، وكأننا الامة الوحيدة في هذا الكون ، ولا شأن للامم الاخرى سوى السهر من اجل التآمر علينا.
كان الاولى ان ينشغل شيخ الازهر ، بالقضايا الفقهية التي بحاجة الى من يعيد البحث بها ، وان يساعدنا ، ادام الله ظله ، في الاجابة عن اسئلة العصر والحياة ، بدلا من العودة الى عقوبة الجلد ، وهو لا يعرف ان المنع من الكتابة ، اسوأ ، الف مرة من عقوبة الجلد ، كان الاولى ان يلعب دورا في ايقاف تناقض الفتاوى ، والغاء الكراهية ، والندية بين المجتهدين وبين المذاهب الاسلامية ، كان الاولى ان يتحدث من موقعه الحساس والهام ، في القضايا التي يواجهها الناس هذه الايام ، بدلا من هكذا فتاوى ، وحوله من افتى بجواز الرضاعة من زميلة العمل ، حتى تتحول فجأة الى ام ، ومن ينشغل بفتاوى النكاح ، والقضايا التفصيلية التي لم يتوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ، لوجود اولويات اخرى في حياة الامم.
كان الاولى به ان يجد طريقة لوقف الفتاوى الفضائية ، وعبر رسائل الموبايل ، وكان الاولى ان يجد لنا حلولا لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية ، بدلا من التحجر ، والرغبة بتحويل الاسلام الى جبة وعمامة وعلبة حلاوة ، فالاسلام اعظم واجل من هذا بكثير ، وقائد كصلاح الدين الايوبي كان عسكريا وسياسيا ، ولم يكن مفتيا ، اوقف اللغو ، وانشغل على الارض بطرد الاحتلالات في ذلك الزمن.
مسكينة ..هي هذه الاجيال العاثرة والباحثة عن موقع تحت الشمس ، فهم اما بين علماء يفتون عكس بعضهم البعض ، ما بين القائل بضرورة طاعة ولي الامر ، والقائل بضرورة الخروج عليه ، والقائل بضرورة الهجرة من ديرة الاسلام ، والقائل بضرورة كف الاذى بالكلمة ، والاخر الذي يكف الاذى بقتل المئات ، وما بين هؤلاء ، وحرب تسفيه الامة التي تشنها الفضائيات ، لادخال العهر والفساد والخلاعة الى البيوت.
الذي يستحق عقوبة الجلد ، ليس الصحفي ، وانما كل من يتسبب بتخريب هذه الاجيال باسم الوصاية عليها ، حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد