عصر التّيسنة الصاعد وعصر الحمرنة الهابط

mainThumb

10-08-2007 12:00 AM

اغلب الظن ان أيّا من كتابنا الساخرين لم يقرأ الخبر المنشور في «الرأي» قبل اربعة ايام ، والاّ.. لما فات احدهم الوقوف عنده والتمعن فيه ، وربما.. التبشير بعصر «التيسنة» الجديد،،. ولعلي لا أبالغ اذا تنبأت بأن كاتبا مثل محمد طملية أو آخر مثل يوسف غيشان تمنّع عن التمني بالتحوّل الطوعي من.. الأدمنة (بني ادم) الى.. التيسنة،،.
الخبر الذي كتبه المحرر خالد الخواجا يقول بأن سعر التيس (فصيلة الماعز الشامي) بلغ ارقاما خيالية ، خاصة.. اذا كان «الذكر اصيلا»، ،
تُرى.. هل من علاقة بين الذكورة والآصالة؟ ،
وهل مدلول الذكورة ، في هذا المقام ، مقصور على معنى الفحولة الجنسية أم.. يتجاوزه الى غير ذلك من الصفات التي قد اصبحت مهجورة في هذا الزمن (الترللي) ، وأقصد.. هنا.. الاصالة،،.
وهل من شروط الآصالة ان يتمتع الاصيل ، سواء كان تيسا أو آدميا ، بقوة الفحولة؟، ،
وماذا بعد أن يتكفّل الزمن باستنفاد قوة الفحولة في التيس والآدمي ، هل تُراه يبقى.. اصيلا؟، ،
يقول الشاعر الكبير بدوي الجبل :
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يفنى الشباب ولا تفنى سجاياه، ،
الشاعر هنا يؤكد أن السجايا (الآصالة) تبقى ولا تفنى بالرغم من الانتماء القسري الى «جمعيات عدم الامكان»،،.
ولعل في هذا ـ اذا صحّ، ـ بعض العزاء لأناس مثل محمد طملية ومثل.. جورج حداد وطارق مصاروة الذين تجاوزوا الاربعين.. بعد المائة، ،
نعود الى موضوعنا الأساس وهو.. عصر التيوس والتيسنة الاخذ في الصعود والازدهار على حساب امبراطورية الحمير والحمرنة وقيمها المتصلة بمعاني الوفاء والصبر والعطاء غير المشروط،،..
على فكرة.. ثمة شاعر حجازي لم يجد ما يمدح به الخليفة ذات يوم الا تشبيهه بالكلب أو التيس.
انت كالكلب في حفاظك للود
وكالتيس في قراع الخطوب
والسؤال: هل كان الشاعر يلجأ الى مثل هذا التشبيه في زمن بلغ فيه سعر التيس «الذكر الاصيل» ، ثلاثين الف دينار؟، ،
ثلاثين الف دينار.. أي.. ان ثمن التيس الواحد ، يساوي اربعة أو خمسة اضعاف ديّة القتيل الرسمية عندما يكون القتيل آدميا،،.
ألم نقل بأن العصر.. عصر التيسنة والتيوس؟، ،
التيس لم يعد من مهماته «قراع الخطوب» بل ـ صارت الخطوب تغازله وتطلب رضاه،. الم نر كيف أن الرئيس بوش يتغزّل ويتودد الى المالكي يوما والسنيورة يوما ثانيا وعباس يوما ثالثا؟، ،
لم يعد ثمة همّ أو قضية للتيس الاّ ان يواصل (القراع) ويستغل (الاقتراع) لرفع ثمنه في عين.. الخطوب، ،
وحتى.. الكلاب.. فان «حفاظها للود» لم يعد الدافع الاهم في التنافس على شرائها وتربيتها والاعتناء بمأكلها وملبسها فقد صار لها مهمات اصعب وأنعم ، بالوقت نفسه ، لدى عجايز اميركا واوربا، ،
التيسنة والكلبنة ، اصبحتا هذه الايام ، تحملان معاني المهابة والارتفاع والاجلال ، بعد ان تطوّرت المهمات التي كانتا تتصفان بها،. صار بامكانك أن تعتبر قولك لمحمد طملية أو يوسف غيشان بأنك تيس بمثابة السخرية منهما ، لأنهما لا يملكان من مقوّمات التيسنة والآصالة ما لا يمكن ان يبلغ ربع الثلاثين الف دينار،،.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد