حتى لا يقع الاخوان بسوء تقدير

mainThumb

06-08-2007 12:00 AM

تخطىء قيادة جماعة الأخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الاسلامي إذا لم تأخذ على محمل الجد رسائل "التهديد" التي أطلقها رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت, وتقع في سوء التقدير اذا بقيت تصدر البيانات الغاضبة وردود الأفعال من دون استيعاب الفكرة الرئيسية من رسائل الحكومة باعتبار ان ما جاء على لسان الرئيس البخيت يمثل رأي الدولة مجتمعة وليس أفكارا وليدة حدث الانتخابات البلدية.

رئيس الوزراء كان واضحا في تهديده المباشر وقد فُهم من كلامه الموجه الى "عقلاء الأخوان" قبل فوات الأوان بل استدرك.. لا بل قبيل فوات الأوان.. "اذا لم تعد جماعة الأخوان المسلمين الى خطها التقليدي وتعيد تشبيك علاقتها التحالفية مع الدولة فان ثمة إجراءات في طريقها الى التنفيذ " وُهم أيضا ان الحكومة بصدد تحويل ترخيص الجماعة الصادر عن رئاسة الوزراء الى جمعية خيرية تكون من مسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية.

لكن يبدو أن قيادة الأخوان تعتقد ان "في كل مرة تسلم الجرة " وان "الإخوان" لا احد يقدر عليهم وقد حاولت حكومات كثيرة النيل منهم ولم تستطع ان تفعل شيئا, وهذا كلام غير واقعي, فالترخيص القانوني للجماعة صدر بقرار ويمكن أن ينتهي او يتحول بقرار مماثل,لكن المطلوب من قيادة جماعة الإخوان أن تتدارك الأمر وتصحح العلاقة ضمن معادلة جديدة ومقاييس وضوابط يتم الاتفاق عليها.

وبكل وضوح فان الإشكالية بين الدولة و بين جماعة الإخوان المسلمين تجاوزت الانتخابات البلدية لان "حجم ردة فعل الإخوان أصلا تجاوز حجم مشاركتهم في الانتخابات البلدية" خاصة وأنهم تاريخيا يرفضون مبدأ "المغالبة" في الانتخابات النيابية, لكن لماذا كل هذه الضجة التي أدت الى استعمال لغة خطاب غير معهودة عند الإشارة الى مقام جلالة الملك والقوات المسلحة والمخابرات العامة؟ وهي رموز وطنية لا يجوز تناولها الا بالتوقير والاحترام,واقصد هنا ما جاء في البيان الذي لا يزال منشورا على الموقع الالكتروني لجماعة الأخوان المسلمين منذ يوم الخميس الماضي وبتوقيع المحرر السياسي.

وتخطىء قيادة جماعة الإخوان المسلمين إذا لم تعِ أن هجوم البخيت ونبرته الحادة و غير المعهودة في التخاطب معهم, جاءت على خلفية قضايا محلية وإقليمية لا بد من توضيحها وتحديد خطوطها دون أن يتجاوز عليها احد خاصة ونحن على أبواب انتخابات نيابية وفي ظل أوضاع إقليمية مربكة تهدد بخلط الحابل بالنابل.

وأولى القضايا الداخلية التي ترمي اليها الدولة, أن يكف الأخوان المسلمون عن اعتبار أنفسهم مرجعية دينية وان لا يتحولوا الى "مرجعية" تراقب وتحاسب كل الأنشطة والأفكار التي لها علاقة بالدين وهذا يعني أن لا تفرض رأيها ورؤيتها على المجتمع وهي الفكرة التي بدأتها الدولة بعد استصدار قانون جديد يحدد مرجعية الفتوى الدينية في البلاد ويربطها بذوي الاختصاص في مجلس الإفتاء العام.

وثاني هذه القضايا, أن تتوقف "الجماعة" عن منافسة الدولة في تمثيل الأردنيين وان لا تتحول "الجماعة" الى مرجعية سياسية وتدعي احتكار تمثيل فئات منهم او مدن او مناطق بعينها, لان المرجعية السياسية هي للدستور والعمل السياسي لا يقوم على الجماعات او الجمعيات او العشائر, بل يقوم على الأحزاب السياسية المرخصة, ذات البرامج الوطنية التي تعبر عن هموم الأردنيين ومصالحهم.

لا اعتقد أن أحدا يطالب بشطب جماعة الإخوان المسلمين كفكر, لان ذلك مهمة صعبة وغير واقعية, لكن اذا أرادت الجماعة, ممارسة العمل السياسي فان ذلك يتم تحت لافتة سياسية مرخصة هي "حزب جبهة العمل الإسلامي" وليس أية لافتة اخرى, وهذا إن تم فسيكون احد أسس نجاح التنمية السياسية التي تفرز أحزابا حقيقية قادرة على تمثيل الأردنيين ومصالحهم المشتركة وتغيير بنية المجتمع نحو افاق جديدة قائمة على المؤسسات التمثيلية الحقيقية والتي يأتي في مقدمتها الأحزاب السياسية والبرلمان القوي والصحافة الحرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد