أكثر من الإعدام

mainThumb

05-08-2007 12:00 AM

كنت أنتظر بفارغ الصبر حكم المحكمة على الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات، وكنت أخشى أن تتدخل الوساطات لتخفيف الحكم فينجون من العقاب الذي يستحقونه والذي قد يشفي بعض غليل الحزن عند أهالي الأطفال المنكوبين.
إن الحكم بالإعدام قد أثلج صدر كل إنسان هزته هذه الجريمة البشعة، لقد كان السؤال الذي حيرني وأقلقني منذ البداية: لماذا فكروا بهذه الجريمة؟ ولماذا لم تردعهم ضمائرهم قبل أن ينفذوها؟ أين مهنة الطبيب الإنسانية التي تفرض عليه أن ينقذ أرواح المرضى ويخفف آلامهم؟ كيف يتحول الطبيب من إنسان عطوف إلى وحش ضار ينهش لحوم البشر؟ وكيف لممرضات يطلق عليهن ملائكة الرحمة أن تموت الرحمة في قلوبهن ويتحولن إلى شياطين يزرعن الأوبئة في أجساد أطفال أبرياء لا حول لهم ولا قوة؟ وما الدافع لهذه الجريمة؟ هل هم أعضاء في منظمة إرهابية تفجر الموت بشكل سري يختلف عما يحدث كل يوم؟ هل يعانون حالات نفسية أو حقدا مكبوتا أرادوا التنفيس عنه بهذه الطريقة الوحشية؟
إن كانت جريمتهم الكبرى في حقن الأطفال بمرض الإيدز البغيض فإنها ليست جريمة واحدة بحق الأطفال وحدهم، إنها عدة جرائم ارتكبت بحق كثيرين: جريمة بحق المهن الإنسانية (الطب والتمريض)، جريمة بحق كل أسرة أدمت قلوبها الحسرة على أطفالها، جريمة بحق البلد الذي فتح لهم باب الرزق واستضافهم وأكرمهم فردوا الحسنة بإساءة لا تغتفر، وجريمة بحق الطفولة ذاتها.
لقد كنت أستغرب تلك المناشدات المتواصلة للعقيد معمر القذافي سواء من أهل الطبيب أو من البلد الذي تنتمي إليه الممرضات ومن أهاليهم للرأفة بهم وتخفيف العقوبة عليهم، لقد كان من المفروض على هؤلاء المناشدين أن يدينوا الجريمة ويطالبوا بالإعدام لهؤلاء القتلة، ويعتذروا لا لليبيا وحدها بل للعالم الذي اهتز وتألم.
إن هذه الجريمة تدق نواقيس الخطر لكل دولة تجلب العمالة الغريبة إلى أراضيها من دون تدقيق ومن دون رقابة مستمرة أيضا لهذه العمالة التي لا تحترم أوطاننا. إننا نقرأ ونسمع عن جرائم عدة تحدث من بعض الأطباء في بعض الدول مثل عمليات الإجهاض للحمل السفاح أو إعادة البكارات لمن فقدنها بطريق الحرام مما يشجع البنات على الرذيلة والانحراف.
إن الضمائر حين تموت فلا عقاب لها إلا بموت أصحابها، ولو كان هناك ما هو أكبر من حكم الإعدام لتمنيناه لهم، لقد أصدرت المحكمة حكمها العادل، وينتظرهم حكم الله الأعدل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد