البخيت بعد أن غادر الدوار الرابع

mainThumb

24-11-2007 12:00 AM

الاداء المرتبك لحكومته والحرب المستمرة مع الخصوم لم يغيرا في نزاهته

أخلى الدكتور معروف البخيت »الرئاسة« يوم الخميس لخليفته المهندس نادر الذهبي وقبل ذلك كان البخيت انتقل وعائلته من بيت الضيافة الذي اقام فيه قرابة السنتين الى منزله الجديد غرب عمان تاركاً للمنصفين من بعده كما قال للصحافيين تقييم تجربته في الحكم.

سنتان عاصفتان أمضاهما البخيت في رئاسة الحكومة شهدت احداثا داخلية كثيرة. استلم دفة الحكومة في الأصل بعد عاصفة الارهاب التي ضربت فنادق عمان, وكان مطالباً بادارة مرحلة عنوانها الأمن والديمقراطية رغم صعوبة التوفيق بين الأمرين.

وفيما الحكومة تواجه استحقاقات ما جرى في عمان كان الملف الاقتصادي يطرح نفسه بقوة وسط تجاذبات لا تنتهي بين الحكومة والنواب.

يقال في العادة ان قوة او ضعف الحكومة تتحدد بشخصية رئيسها. المفارقة في حكومة البخيت ان قوة شخصيته وخبرته السياسية لم تنجح في اخفاء عيوب تشكيلته الوزارية التي وضعته في مواقف صعبة أمام النواب والرأي العام. واذا كان التعديل الوزاري في العادة يشكل فرصة لتصويب الخلل فإنه في حكومة البخيت ادى الى مزيد من الارتباك والضعف خاصة التعديل الأول.

في الاشهر الاولى من عمر حكومته كسب البخيت تأييد اوساط سياسية واعلامية واسعة وتركت شخصيته انطباعا بالثقة العميقة عندما قدم نفسه كممثل شرعي للطبقة الوسطى, وعكست سياساته ومواقفه هذا الانتماء في اكثر من مناسبة. وفي استطلاعات الرأي المتتالية حافظ على مستوى متقدم من الشعبية لكنه لم يستثمرها بالقدر الكافي لبناء تحالف اجتماعي سياسي يدعم خططه السياسية والاقتصادية. ومع ذلك ظل يتلقى الدعم الشعبي.

مع مرور الوقت بدأ البخيت غير قادر على الالتزام بوعوده الكبيرة ففي ميدان الاصلاحات السياسية توقف في منتصف الطريق وفشلت حكومته في طرح قانون جديد للانتخاب كان كفيلا بتغيير مسار الحياة البرلمانية في الأردن واكتفى بقانون الاحزاب الذي لا يحقق الحد الأدنى من متطلبات التنمية الحزبية.

في مجال مكافحة الفساد كان الرجل جاداً في مواقفه واتخذ سلسلة من القرارات التي اثارت حوله عاصفة من الاحتجاجات, لكنه استمر على نفس النهج وحقق انجازات لا بأس بها على الصعيد التشريعي. اما على المستوى الفعلي فقد نجح في تحويل عدد من القضايا الى المحاكم غير انه وقف عاجزا امام قضايا كبرى كصفقة امنية.

في السنة الثانية من حكمه شعر المراقبون وكأن سوء طالع بدأ يلاحق الرجل فمن مشكلة تسمم الى أزمة تلوث عاشت حكومته اياما صعبة اضطر معها للتضحية بوزيرين من حكومته التي كادت أن تسقط تحت ضغط الرأي العام لولا ان ظروفاً استثنائية حالت دون ذلك.

وكانت تلك المشكلات مناسبة لامتحان قدرة الحكومة على ادارة الازمات وقد ظهرت بالفعل مترددة ومرتبكة وعاجزة احيانا, كما شكلت الانتخابات البلدية محطة حاسمة في حياة الحكومة, فما رافق الانتخابات من تجاوزات وفوضى غير مسبوقة دفعت بسمعة الحكومة الى الحضيض وبدا البخيت رئيسا غير محظوظ يدفع ثمن اخطاء غيره.

بيد أن الظروف التي أحاطت بحكومة البخيت والاسلوب الجديد في ادارة شؤون السلطة التنفيذية ساهمت الى حد كبير في اضعاف صلاحيات الحكومة ورئيسها وشهدنا خلال العامين المنصرمين مواجهات وصلت تداعياتها الى وسائل الاعلام بين الحكومة ومسؤولين كبار في مراكز صناعة القرار, وتنازع الطرفان اكثر من مرة الصلاحيات وعلى إثرها تكوّن شعور لدى الاوساط السياسية بأن الحكومة ضعيفة وتدار بالريموت من مواقع اخرى.

وزاد اداء الحكومة المرتبك وضعف طاقمها الوزاري الاحساس بأن السلطة التنفيذية التي عهدناها في السابق تكاد تغيب من المشهد السياسي لحساب مراكز اخرى تزداد نفوذا من او سلطة.

رغم الضغوط التي مورست على الحكومة الا ان الرئيس لم يخرج عن طوره الا في مناسبات قليلة حين اعتقد ان هناك حملة منظمة ضده في الاعلام فرد عليها بجملة اتهامات اثبتت الأيام انها ظالمة.

يغادر البخيت الرئاسة الى »الأعيان« ونشهد أن الرجل رغم كل الملاحظات والانتقادات على ادائه كان رئيسا نزيها لم يرد اسمه في صفقة مشبوهة ولم يمد يده على المال العام ولم يستثمر موقعه للثراء كما فعل آخرون من قبل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد