حتى لا تعود مدافع البارد إلى نطقها

mainThumb

03-09-2007 12:00 AM

ها هي المدافع تلوذ إلى صمتها من جديد في مخيم نهر البارد ، أو بالأحرى ما تبقى من المخيم من أنقاض وركام وخرائب ومنازل آيلة للسقوط ، لكن أسئلة "البارد" الساخنة التي أثرناها قبل أيام ، تزداد سخونة ، وستصبح ملتهبة على أبواب فصل الشتاء الذي سيطل برأسه على المشردين في الخيام وباحات المدارس ومعسكرات الإيواء ، بأسرع مما يظن كثيرون من ساكني البيوت الإسمنتية. لن ندخل هنا في جدل حول ظاهرة فتح الإسلام ، من أنشاها؟ وكيف تطورت؟ وبأي السبل وصلت إلى المخيم واستولت عليه واختطفته؟ من دعمهما وموّلها ؟وضد من؟ فهذه الأسئلة يراد لها أن تظل بلا إجابات ، وكنا قد حذرنا من قبل مما اعتقدناه محاولة دفن أسرار الحركة بقتل قادتها ومؤسسيها وعدم السماح بسقوطهم أسرى أحياء في أيدي الجيش أو الأجهزة الأمنية وصولا للمحاكم والقضاء. ما يهمنا الآن ، هو مصير أكثر من أربعين ألف لاجئ ، يذوقون الآن وفي هذه اللحظات بالذات ، مرارة اللجوء من جديد ، ويبحثون جادين عمّن يساعدهم في تجسيد حقهم بالعودة لا إلى أوطانهم الأصلية ، فهذه غاية يبدو أن من الصعب إدراكها ، بل إلى مخيم نهر البارد. ما يهمنا الآن ، هو مصير آلاف الأسر والأطفال الذين تتوزعهم المدارس ، لاسيما وأن الموسم الدراسي على الأبواب ، فيما موسم الشتاء يقترب من الهبوط على هؤلاء ببرده وأمطاره وقسوته.
شاهدنا بالأمس تقريرا لإحدى الفضائيات اللبنانية عن "خمسة آلاف" بيت جاهز ، سبق وأن تحدث رئيس الوزراء عن استعداد السعودية والإمارات لتقديمها إلى نازحي ومهجري حرب تموز ـ آب الأخيرة ، لكن تقرير الفضائية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن ما وصل من هذه البيوت لا يتعدى البضع عشرات منها فقط ، الأمر الذي يثير قلقنا ونحن نستمع لعباس زكي يعيد ذكر الرقم ذاته والمصادر ذاتها للبيوت الجاهزة ولكن في معرض الحديث عن إيواء سكان نهر البارد النازحين قسرا عن بيوتهم ، فهل تلقى بيوت عباس زكي مصير بيوت السنيورة ذاته؟.
ونتابع في صحافة لبنان ووسائل إعلامه ، السجال الحاد والساخن عن التعويضات وإعادة الإعمار والقرى المهدمة والجسور التي لم تنجر ، إن لأسباب تتعلق بالفساد أو لأخرى تتصل بصراعات الداخل اللبناني ، ونخشى على البارد وسكانه ، من أن يظل ركاما ويظلوا مشردين.
ونقرأ عن حركات ومنظمات غير حكومية نشأت مؤخرا هدفها الاتصال بسفارات الدول البعيدة لتأمين تصاريح هجرة لسكان المخيم الذي سئموا لبنان والمنظمة والفصائل ، ونخشى على سكان البارد من مؤامرة التهجير التي لا تقل خطورة عن مؤامرة التوطين إن لم تكن أخطر منها.
لقد وعدت الحكومة اللبنانية بإعادة إعمار المخيم ، ونظر رئيسها إلى ما جرى في البارد على أنه مؤامرة على لبنان والفلسطينيين ، وانتصار للبنان والفلسطينيين على حد سواء ، وهذا أمر نقبله ونريد أن نصدقه ، على أننا سننظر للمؤامرة من زاوية أخرى ، إن لم تجر المسارعة إلى إعادة بناء المخيم وإسكان أبنائه ، وسنعتبر التهجير خطا أحمر يميز بين أصدقاء الشعب الفلسطيني وخصومه ، والأهم من هذا وذاك ، أن مدافع البارد لن تظل على صمتها زمنا طويلا .إن ترك سكان المخيم النازحين ، نهبا للفقر والجوع والعراء ، عندها وعندها فقط سيصطف هؤلاء طوابير في صفوف الغلو والتطرف والإرهاب ، بعد أن أظهروا وعيا لمؤامرة المتطرفين عليهم ، وتفهما مؤلما لرؤية بيوتهم تقصف بالمدافع والطائرات والدبابات ، ولحفلات الرقص والغناء تنعقد على أشلاء المخيم المنكوب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد