مؤتمر الخريف المقبل !!

mainThumb

03-09-2007 12:00 AM

هناك مؤشرات ، ومعلومات أيضاً، على أن آخر لقاء فلسطيني - إسرائيلي كان ناجحاً مقارنة بلقاءات سابقة ، قريبة وبعيدة ، فالبحث وليس الاتفاق تناول كل القضايا العالقة ، المستوطنات والحدود والمياه واللاجئين والقدس والأسرى والمبعدين ، وتناول أيضاً ضرورة إنجاح مؤتمر الخريف المقبل الذي إن هو فشل فإن المنطقة كلها ستشهد موجة عنيفة من التطرف وأن بنيامين نتنياهو سيدعو في اليوم الثاني لخروج هذا المؤتمر بلا نتائج إلى انتخابات مبكرة وسيعود إلى الحكم عودة مظفرة !! .

إن المسألة ليست مسألة نكايات ومناكفات ففي سنوات سابقة ، عندما كان عنوان العمل السياسي العربي بالنسبة لقضية الشرق الأوسط هو جبهة الرفض العربية ، كان العقائديون العرب يراهنون على وطنية مناحم بيغن وإسحق شامير وأرييل شارون وكانوا يقولون أنهم مطمئنون لمستقبل القضية مادام هؤلاء يمسكون بزمام الأمور في إسرائيل وما داموا أكثر رفضاً من الرافضين العرب للقرارات الدولية المتعلقة بحل القضية الفلسطينية .

لم يدرك هؤلاء أن المراهنة على الأكثر تطرفاً في إسرائيل تعني المزيد من الويلات للفلسطينيين والمزيد من التهجير والتشريد وقضم الأرض الفلسطينية وهضمها وهذا هو ما يقع فيه الذين يقولون الآن : ليذهب مؤتمر الخريف المقبل إلى الجحيم .. وليأت بنيامين نتنياهو إلى الحكم في إسرائيل .. ولتبق دولة غزة دولة غزة ودولة الضفة الغربية دولة الضفة الغربية وكل هذا وكأن جيوش التحرير تلز عرض البحر بزحفها اللجب وكأن كل يوم يمر والواقع الفلسطيني هو هذا الواقع المزري لا يبعد فلسطين عن أيدي الفلسطينيين أكثر مما هي بعيدة بآلاف المرات .

إذا فشل مؤتمر الخريف المقبل استجابة لإبتهالات الذين يتمنون فشله فإن الواقع الفلسطيني الممزق سيزداد تمزقاً وأن تجهيل الأجيال الفلسطينية الناشئة سيتضاعف وأن عشرات مخيم بارد ستنبت في أكثر من مكان وأن هراوات القوة التنفيذية ستصل إلى رام الله والى جنين وأن الانتصارات الإلهية على غرار انتصار حزب الله الذي لا أعاده الله ستهطل في أكثر من عاصمة عربية وأن تطلعات محمود أحمدي نجاد لأن تملأ إيران أي فراغ في المنطقة ستتحقق حتماً .

لم يدرك الذين لازالوا يتحدثون بعقلية الماضي البعيد والقريب معنى أن تعود القضية الفلسطينية إلى ما كانت عليه قضية منسية وثانوية من قبل حتى العرب أنفسهم ولذلك فإنهم يتمنون الفشل لمؤتمر الخريف المقبل الذي ليس متوقعاً منه أن يشيل الزير من البير بل على الأقل أن يعيد الأولوية إلى هذه القضية وأن يغير صورة الفلسطينيين المزرية الحالية التي هي صورة هراوات القوة التنفيذية التي تلاحق رؤوس الأطفال والشبان وأقفيتهم في شوارع غزة وصورة الفاسدين الذي فروا بأموال السحت التي أخذوها من أفواه أبناء الشعب الفلسطيني إلى الخارج .. وصورة نهر البارد .. والقادة القابعون في العواصم البعيدة الذين يقضون أوقاتهم بانتظار فتات المال الحلال القادم إليهم مع عمامات ضباط مخابرات حراس الثورة الإيرانية .

يجب أن ينجح هذا المؤتمر ، ولو بحدود إعادة الأولوية للقضية الفلسطينية ، ويجب أن يتحرك العرب لدعم الجهود المبذولة ليكون هذا المؤتمر مؤتمراً ناجحاً .. فالبديل هو ليس جيوش التحرير الزاحفة من الشرق بل هو المزيد من غياب هذه القضية عن الاهتمام العالمي والمزيد من عدم استقرار هذه المنطقة والمزيد من الدمار والخراب .. والمزيد من الصور التي تشبه صورة مخيم نهر البارد وصورة ضاحية بيروت الجنوبية وصورة غزة يوم الجمعة الماضي وصورة العراق الغارق في الدماء حتى العمائم واللحى !! .

غير مطلوب التحرير من البحر إلى النهر .. والى أصفهان .. إن المطلوب هو التأسيس لحل الحد الأدنى الذي يضمن إعادة واستعادة خمسة وتسعين في المائة من الأراضي التي أُحتلت في حزيران ( يونيو ) العام 1967 ومبادلة الخمسة في المائة المتبقية بأراضٍ أخرى إن في جوار غزة وإن في أي مكان ، كما أصر أبو مازن في اللقاء المغلق الأخير بينه وبين أيهودا أولميرت ، .. إن المطلوب هو دولة فلسطينية مستقلة على هذه الأرض تكون متصلة الحدود ليتمكن الشعب الفلسطيني من التقاط أنفاسه ويعيد تأهيل نفسه ويجنب أجياله الناشئة الجهل والإحباط والأمراض النفسية المستشرية الآن !! .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد