أبو علي يعرف أكثر

mainThumb

10-03-2008 12:00 AM

من حق دافع الضرائب الأمريكي أن يسأل عن مصير الخمسة ملايين دولار التي دفعتها ادارته لتمويل برنامج تعزيز وسائل الاعلام الاردنية. ومن حقه أن يعرف اذا ما كان هذا المبلغ الذي رصد منذ ثلاث سنوات قد أحدث تغييرا أو تطويرا في الاداء الفني والمهني لوسائل الاعلام الاردنية.

وحتى تصل المؤسسات الرقابية الأمريكية الى الحقيقة ، فعليها أن تسأل القطاعات الواسعة من الاعلاميين والصحافيين الاردنيين ، لا أن تكتفي بالدوران في نفس دوائر المستفيدين من هذه البرامج والمروجين لها. وفي واقع الأمر ، فان الاعلاميين الاردنيين لا يحتاجون الى تمويل يدخل ضمن ما يسمى بـ «الدبلوماسية العامة» التي أطلقتها الادارة الامريكية لتحسين صورتها في العالم الاسلامي ، بل هم بأمس الحاجة للعمل بعيدا عن التدخلات والاستطلاعات المسيسة المشوهة التي تقلب الحقائق لخدمة أهداف سياسية واضحة ومكشوفة.

فهل يصدق عاقل أن المواطن الأردني انصرف فجأة عن متابعة تطورات الاوضاع السياسية في بلده وفي الجوار الملتهب في فلسطين والعراق عبر الصحف والتلفزيون والمواقع الالكترونية ، وأنه ـ عوضا عن ذلك ـ أصبح يفضل الرقص طربا على أنغام محطات الموسيقى الاذاعية؟،

من أين يستقي هؤلاء معلوماتهم؟ وأي جمهور يقابلون؟ ومن يشكل عيناتهم؟

وللرد على الأرقام المسيسة المغرضة ، فليس المطلوب اعداد دراسات مضادة تستند الى الحقائق الموضوعية.. فالأمر أيسر من ذلك بكثير.. كل المطلوب هو سؤال صاحب كشك الثقافة العربية الشهير «أبو علي» عن أرقام مبيعات الصحف لديه وسؤال الموزعين البسطاء في المفرق وكفر خل والمنشية والمشارع والمزار وحي معصوم..

ان الارقام التي يحتفظ بها هؤلاء الموزعون الطيبون البسطاء أكثر صدقا من كل الاستطلاعات النخبوية المسيسة التي تزعم أن شعبنا الذي نعرف صدقه ووفاءه وانتماءه لاولويات وطنه وأمته قد تحول بين ليلة وضحاها ليصبح مدمنا على الأغاني والموسيقى واللهو،،،

ان هذه القراءة الرغائبية لأولويات الشارع الاردني قد ترضي معدي هذه الاستطلاعات ومن يعيشون على ما تبقى من الخمسة ملايين دولار المرصودة لـ «دعم الاعلام الاردني» ، ولكنها غير ممثلة للواقع ولا تمت بصلة الى ما يعرفه «أبو علي» واخوانه من موزعي الصحف على امتداد مساحة المملكة من حقائق مدعمة بأرقام مبيعات الصحف.

لقد أفلس برنامج الدبلوماسية العامة الذي اخترعته الادارة الامريكية بعد احداث 11 ـ 9 ، وأفلست معه برامج دعم الاعلام التي انبثقت عنها ، بدليل أن هذا البرنامج فقد استقلاليته الادارية في واشنطن وألحق ببرامج أخرى.. والمعروف ايضا ان الادارة الامريكية الحالية التي اخترعت هذه البرامج تعيش شهورها الأخيرة.. ويبدو أن الاستطلاعات الرغائبية الجديدة هدفها خلق المبررات لجني المزيد من التمويل واستنزاف مبالغ اخرى من أموال دافع الضرائب الأمريكي المغلوب على أمره.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد