توطين المسؤول والمؤسسة

mainThumb

08-03-2008 12:00 AM

بعض اتصالات وأحاديث القراء تحمل جملة او رأيا مختصرا، ومنها هاتف من أحد الأردنيين تعليقا على العمل الميداني للحكومات وزيارات رؤساء الحكومات أو من يقوم منهم بزيارات الى المحافظات، يقول المواطن: "إن معظم من يلتقيهم الرؤساء والوزراء فيما تيسر من زيارات ميدانية، هم ذات الشخصيات التي يمكنها رؤية الرؤساء والوزراء في عمان, فهم الوجهاء والنواب والأعيان والوزراء السابقون والحاليون، وحتى فرص الحديث لعامة الناس الذين تأتيهم دعوات للحضور فهي محدودة، وهذا ربما يجعلنا ندعو الحكومات الى أن تعمق مفهوم العمل الميداني وأشكال التواصل لتكون أكثر تمثيلا للناس، فحتى لو لم تحمل هذه الزيارات حلولا لكل المشكلات فإن التواصل هدف بحد ذاته وهو جزء من العمل السياسي إضافة لدوره الخدماتي والتنموي.

وبالمناسبة، فإنني أذكر الرئيس باستئناف جولاته في المحافظات، وهو زيارات بدأت ثم توقفت قبيل رفع أسعار المشتقات النفطية، فظهر وكأنها زيارات تسويق للقرار، لكن الناس من حقها على الحكومة أن تقوم بزيارات حقيقية تصل للناس وليس فقط لوجهاء أسماؤهم لدى الحكام الإداريين، ليذهب الرئيس وطاقم وزراء، وليذهب الوزراء ويدخلوا القرى والبوادي والمدن.

وقبل أيام التقيت على مدخل صحيفة الرأي مع الزميل فايز حمدان فقدم لي عددا من مجلة الناشر الشهرية وفيها نص أول مقابلة صحافية أجريت مع الملك قبل حوالي (25) عاما، أجراها الزميل مع (الأمير) عبدالله يوم أن كان يحمل رتبة ملازم أول، والمقابلة طويلة لكن في إطار مفهوم التواصل والاقتراب من حياة الناس تحدث الملك عن ضرورة أن يعرف الشباب الأردني بلدهم "قادرين على استكشاف البلد داخليا ويعرفون القطرانة وغور الصافي ومعان والعقبة اكثر من بريطانيا وفرنسا وأميركا"، وهذا المنطق لا يصلح فقط للشباب بل هو ضرورة لمن تكون في عنقه مسؤولية سياسية او خدماتية عن كل مناطق المملكة، والمعرفة للقطرانة وغور الصافي والرمثا وعجلون ليس بمعناها الجغرافي بل بمعناها الشامل معرفة بالمكان والإنسان والمشكلات.

والمشكلة أن حكوماتنا وبعض المواقع الهامة دخلها من حملوا لغايات التندر وصف "المستشرقين" أي الذين لا يعلمون عن البلد والناس الا معلومات نظرية، وهنا نتحدث عن الإحساس بالناس وقضاياهم، والإحساس بمعاني الكلمات ودلالاتها، ومعرفة بالجوهر الكريم لشعبنا، ولهذا تعامل البعض في إداراته لموقعه بعقلية مدير الشركة، فليس لديه القدرة على التفريق بين إدارة الأوطان وإدارة شركة, فكان الاردن وأهله فقط أرقام في تقارير، وهؤلاء بحاجة الى توطين حقيقي, توطين في قضايا الناس وأشكال المعاناة وطبيعة الناس وعلاقتهم بدولتهم ولهذا لم يشعر الناس بهم ولم يقدموا شيئا مذكورا وإنما قدموا لأنفسهم ومصالحهم. توطين المسؤول مهمة ضرورية لأن عقلية الاستشراق لا يمكن معها تحقيق الدور السياسي الإيجابي للحكومات.

ولعل مما لفت انتباهي في تلك المقابلة التي جرت قبل (25) عاما حديث الأمير عن تصوره لصورة وأداء التلفزيون الأردني حيث يقول: "أريد منه أن يكون تلفزيونا أردنيا بحق يظهر الجانب المحلي، ويكون اكثر شمولية في طرحه للقضايا المحلية، أريد أن أرى الفلاح والجندي والعامل، للأسف أنا لا أشعر أنه تلفزيون أردني".

إنها ذات الحكاية: توطين المسؤول والمؤسسات الإعلامي وهذا لا ينطبق على التلفزيون فقط بل على كل المؤسسات: أن يكون المسؤول والمؤسسة أردنية أي للناس وتحمل قضاياه وتعبر عن مشكلاته وتعبر عنه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد