49 عاماً من كاسترو

mainThumb

07-03-2008 12:00 AM

بعد 49 عاماً من التربع على رأس هرم السلطة في كوبا، حيث تداول على السلطة في أميركا تسعة رؤساء، وفي الحادية والثمانين من عمره المديد، ومرضه الشديد، قرر فيدل كاسترو أن يتنازل عن السلطة وتوريث شقيقه راؤول، الذي بلغ السادسة والسبعين وتجاوز سن التقاعد، وبذلك انضمت كوبا إلى مجموعة الجمهوريات الوراثية، الشيوعية والعربية، وضربت عرض الحائط بفكرة تداول السلطة.
كاسترو يتمتع بسمعة عالمية إيجابية، ويعتبره كثيرون بطلاً قومياً لمجرد أنه كان دائماً يقف ضد أميركا وسياساتها، أو على الأصح لأن أميركا كانت دائماً تقف ضده وتفرض عليه عقوبات اقتصادية عانى منها الشعب الكوبي في محاولة لإسقاط نظامه.
هناك أسباب تجعل التناقض مع أميركا سبباً للشعبية والاحترام حول العالم، ولكن هذا (الإنجاز) لا يكفي، فالشعب الكوبي لا يتمتع اليوم بالحرية والديمقراطية اللتين تتمتع بهما جميع شعوب أميركا اللاتينية، ومستوى المعيشة في كوبا ليس مشرّفاً. وقد عاشت كوبا لسنوات طويلة عالة على دعم سوفييتي يبلغ مليارين من الدولارات سنوياً.
كاسترو وصل إلى السلطة لأنه قاد ثورة ناجحة ضد نظام دكتاتوري برئاسة باتيستا. وكل ما فعله هو إقامة نظام آخر أشد دكتاتورية برئاسته. وقد بدأ الثورة وأنجزها كحركة وطنية، ولكنه رد على الضغوط والعقوبات الأميركية بتحويل الحكم إلى النظام الشيوعي بقرار فوقي، وأعاد تسمية حركته الوطنية الحزب الشيوعي الكوبي، فالثورة انطلقت من أرضية وطنية، لكن سلوك أميركا المعادي للثورة لم يترك لنظام كاسترو خياراً سوى الانضمام للمعسكر الشرقي مع أنه كان يرفع شعار عدم الانحياز.
ما حدث في كوبا خلال خمسين عاماً يشكل درساً لأميركا، فدعمها لدكتاتور كوبا السابق باتيستا أنتج ثورة مضادة لها، وعقوباتها ضد النظام الكوبي عززت شعبية النظام وصموده، أما الانحياز لأميركا وقبول التبعية لها فهو الوصفة المضمونة للسقوط، ومن يشك في ذلك يسأل رؤساء وزارات إسبانيا وإيطاليا وبريطانيا واستراليا، الذين انقادوا لأميركا فأسقطتهم شعوبهم.
شعوب العالم تحب أميركا، معجبة بجامعاتها ومستشفياتها وصحافتها وديمقراطيتها وإنجازاتها. أما سياسة أميركا الخارجية وتحالفها مع الحكام المستبدين وانحيازها لإسرائيل وعدوانيتها العسكرية فهي التي تعطيها الوجه القبيح الذي يجعل الرئيس الأميركي يستقبل بالمظاهرات الشعبية أينما ذهب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد