الزيارة: حدث سياسي واعلامي كبير

mainThumb

19-11-2007 12:00 AM

زيارة الملك عبدالله الثاني الى دمشق لم تكن متوقعة. وبذلك حملت جميع اوصاف الحدث الاعلامي والسياسي الكبير والمفاجئ, فالعلاقات الاردنية - السورية لم تكن على ما يرام, والهدوء الظاهري بين العاصمتين الشقيقتين كان يخفي الكثير من الجفاء والازمات المبطنة, ان في مجال العلاقات الثنائية, مثل المياه او في مجال السياسة الاقليمية من ازمة الرئاسة في لبنان الى ازمة الساحة الفلسطينية.
تأتي الزيارة لتقطع الطريق على سيناريوهات عديدة تم التعامل معها خلال السنوات الاخيرة, من تصور وجود عمان في محور ودمشق في محور مضاد, وذهب اصحاب نظرية المؤامرة في العلاقات العربية- العربية, الى كيل التهم الى الاردن وقيادته, بانه يقف من سورية موقفاً معادياً تضامناً مع الامريكي في العراق وضد ايران, لكن قليلون كانوا يعرفون بان دوافع الموقف الاردني تنطلق من مصالح وطنية ومن الحرص على ان تكون العلاقات مع سورية الشقيقة صحية قائمة على قاعدة الاخوة والجوار والمصالح العربية العليا.
لقد جاءت الزيارة الملكية المفاجئة بعد تأجيل متكرر لاجتماعات اللجنة الاردنية - السورية المشتركة, التي يرأسها رئيسا الوزراء من الجانبين. وكان التأجيل عادة يتم بطلب من عمان في اطار تمسك الملك والحاحه بان العلاقات بين البلدين لا يمكن ان تتطور من دون تصفية الملفات العالقة مع دمشق بكل صراحة وشفافية, وهي ملفات في غالبيتها العظمى تتعلق بالعلاقات الثنائية من المياه الى الحدود الى قضية المعتقلين الاردنيين في السجون السورية انتهاء بمسائل الامن والتجارة الثنائية.
الزيارة والبيان الصادر عنها يؤكد بان الملك عبدالله والرئيس بشار قد عقدا العزم على ازالة جميع العقبات من طريق تطوير وتقدم العلاقات بين بلديهما. كل المؤشرات تدل على الاجواء الايجابية التي احاطت بلقاء الزعيمين مما يعقد الأمل على تصويب مسار علاقات البلدين الشقيقين نحو مزيد من التعاون والتفاهم. خاصة في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة التي تمر بها القضايا العربية المركزية في فلسطين والعراق.
يُظهر البيان ايضاً, ان مساحات اللقاء والتفاهم بين عمان ودمشق تجاه القضايا القومية الراهنة هي مساحات واسعة ان وقفت خلفها ارادة القيادتين بالرغبة وحسن النوايا والاصرار على ضرورة ان يلتقي العرب في هذه المرحلة, لان اللقاء فيه خير للجميع.
من الطبيعي ان ننتظر الايام المقبلة للاحاطة بآثار هذا الحدث الكبير والمفاجىء, الذي يظهر ديناميكية ومبادرات السياسة الاردنية التي يقودها جلالته. والتي لا تترك نافذة او جسراً إلا وتسلكه من أجل تعزيز التضامن العربي وتحريك المواقف وتجميعها حول قضايا الامة. وهو ما يعيدنا الى مبادرة الملك امام الكونغرس الامريكي التي نجحت باعادة احياء المواقف القومية حول القضية الفلسطينية ودفعها الى مقدمة العمل العربي والدولي من اجل حل عادل وسلام شامل.
واخيرا, ستجد هذه الخطوة الاردنية اصداء ايجابية واسعة بين اوساط الرأي العام الاردني. لان حل القضايا العالقة مع سورية تهم كل مواطن نظراً للعلاقات التاريخية والجوار الجغرافي. فتوفير المياه والحصول على الحقوق الاردنية فيها هو هدف استراتيجي مثلما ان تعظيم العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين هي مطلب كل اردني وسوري.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد