العمل السلمي ليس عجزا

mainThumb

19-11-2007 12:00 AM

الانتخابات والديمقراطية بعامة في جوهرها تعبر عن حقيقة الصراع في المجتمعات، وهي تعبير عن تحرك المصالح والطبقات والجماعات للتعبير عن مصالحها وتمثيلها سياسيا والعمل على حمايتها وتعزيزها، ولذلك يجب أن يكون الصراع حقيقة، وبغير التنافس والصراع فإن الانتخابات لا تعود تعبر عن معناها ومبرراتها.

والتطور المدني والتعليمي يشجع العمل السلمي أكثر من العنف، وهذا ينطبق على جميع الحركات السياسية والاجتماعية سواء كانت متشددة أو معتدلة لأسباب كثيرة متعلقة بأن جوهر الصراع يتحول إلى الأفكار، فالمعرفة هي المورد الاقتصادي الأول ومن ثم فإن الصراع على المعرفة يجب أن يكون بأدواتها، ولكن تحتاج المجتمعات والحركات أن تميز بين العمل السلمي والاستجابة والتكيف سلميا، فثمة فرق جوهري كبير بين المنهجين وإن كانا يبدوان في الظاهر متشابهين.

والعمل السلمي سواء كان معارضة لحكومة أو مقاومة لمحتل أو نضالا اجتماعيا وسياسيا داخليا يمثل نتاجا حضاريا لتفكير العقل السياسي الذكي، وفيه من القوة ما يجعله قادرا على إحداث التحولات المطلوبة.

هناك الاحتجاج والإقناع وعدم التعاون وتنقسم إلى ثلاث مجموعات أساسية: الاحتجاج والإقناع اللاعنيف، وعدم التعاون، والتدخل المباشر، ويدرج أحمد عبدالحكيم وهشام مرسي ووائل عادل في كتاب حرب اللاعنف، الذي صدر مؤخرا عن أكاديمية التغيير، مئات الأمثلة لأدوات العمل السلمي، مثل التصريحات بالخطب ورسائل التأييد والمعارضة والتصريحات الموقع عليها علنا وبيانات عن المظالم والمطالب والعرائض والمطالب الجماهيرية، ومخاطبة الجماهير العريضة بالشعارات والرسوم والرموز واللافتات والملصقات والإعلانات التظاهرية والنشرات والكتب والدوريات والصحف والتسجيلات الإذاعية، والاحتجاجات الجماعية بالوفود والاعتصامات وجماعات الضغط، والأعمال الرمزية العامة مثل رفع الأعلام وعرض الألوان الرمزية وارتداء الرموز الخاصة، وتوزيع مواد تحتوي على رموز خاصة، وعرض اللوحات الفنية المعبرة، والمسرح والموسيقى كالمشاهد المسرحية التهكمية والأغاني، والمواكب كالمسيرات والاستعراضات والمواكب الدينية وقوافل السيارات، والتجمعات الشعبية مثل التجمع من أجل الاحتجاج والتأييد واللقاءات الاحتجاجية واللقاءات الاحتجاجية المموهة والندوات، والانسحاب والتنصل بالخروج من مكان معين.

ومن أساليب عدم التعاون مقاطعة سلعة أو أكثر، ويمكن لأصحاب الأعمال أن يقاطعوا التجار ويمتنعوا عن تأجير أو بيع ممتلكات ويمنعوا التوظيف ويرفضوا المساعدة الصناعية وتنظيم إضرابات عامة للتجار، ويمكن لأصحاب المصادر المالية أن يسحبوا ودائعهم من البنوك، ويمكن للحكومات أن تقوم بالحصار الاقتصادي ووضع بعض التجار على القائمة السوداء وحظر البيع دوليا وحظر الشراء دوليا، والإضرابات الرمزية والاحتجاجية والزراعية وإضرابات المجموعات والإضرابات الصناعية والجزئية.

ولكنها برامج ليست عفوية أو عشوائية ويجب أن تتم في إطار من القواعد والمبادئ التي تفعلها وتنظمها وتبعدها عن الفوضى والغوغائية والتوظيف والاستدراج، ومنها استقطاب المؤيدين والمحايدين، والعلنية، وتقدير الممكن والصواب.

ومطلوب من الحركات الاجتماعية والسياسية أن تصوغ فكرتها ورؤيتها للمستقبل، ويجب أن تبتعد عن العمل السري حتى على مستوى الأنشطة، فالأعمال التي تتم في السر وفي جنح الظلام هي احتجاج وليست مقاومة حتى لو جاءت بنتائج سياسية مُرضية، ولكن المواطنين في حاجة ماسة لأن يروا نماذج علنية تحركهم وتدفعهم للعمل واتخاذ المواقف المناسبة.

وفي جميع الأحوال والمواقف تلتزم الحركات الإصلاحية والتغييرية بمبدأ اللاعنف لتحمي نفسها أولاً ولتضمن استمرارية برامجها وديمومتها وقدرتها على الانتشار والنفاذ بين المجتمعات والجماهير, ولئلا تعطي مبررا قانونيا وأخلاقيا للقضاء عليها، فيجب أن تبقى في وضع أخلاقي وقانوني سليم لا يمكن الاعتراض عليه قانونياً ودستورياً، ولتحظى باحترام الجماهير المثقفة والطبقات الوسطى والمهنية والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية المشتغلة بالإعلام وحقوق الإنسان والحريات.

ibrahim.gharaibeh@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد