مشهد سياسي داخلي قديم متجدد! .
يقف الأردن على عتبة عام جديد مليء بتحديات سياسية إقليمية مقلقة شرقا وغربا وملفات داخلية ضاغطة كالفقر والبطالة وتحرير أسعار المشتقات النفطية بعد أن ضخّت الدولة دماء جديدة في عروق المشهد السياسي المرتبك والمشدود.
الحراك بدأ مع إفراز مجلس نواب "قليل الدسم" بسبب استمرار العمل بقانون الصوت الواحد وذلك على وقع ترحيل مقترعين بعشرات الآلاف من دوائر لأخرى قبل الانتخابات وعملية شراء الاصوات بصورة علنية وعلى نطاق غير مسبوق.
وباتت تهيمن على مقاعده الـ 110 أكثرية محافظة, ووجوه سياسية تقليدية ومتقاعدون عسكريون. التشكيلة طعّمت بمجموعة جديدة من رجال أعمال و"ليبراليين اقتصاديين" ومسؤولين سابقين استند أغلبهم إلى نفوذه المالي وعلاقاته المتينة مع مراكز ثقل متعددة عزّزت ترشيحهم في إطار حشد دعم لخطط التحديث.
الحدث الأهم كان تراجع قوة التيار الإسلامي على نحو لافت مقارنة بالنجاحات التي حققها التيار الواسع النفوذ عام 1989 - في أول اقتراع شامل في ربع قرن -- حين حصد 22 من بين 80 مقعدا ليشكل الكتلة الأكبر والأكثر تأثيرا في مجلس النواب مدعوما بشارع محافظ دينيا.
وكانت تقلصت حصة الإسلاميين من 17 "في المجلس الأخير" إلى ستة مقاعد. بعدها انطلقت الاتهامات الى ٍالحكومة بالتزوير لإسقاط مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي والتلويح بالانسحاب من البرلمان في أية لحظة. وفي الخلفية تساؤلات مشروعة حول من سيملأ الفراغ عقب هزيمة التيار الإسلامي المنظم والمنضبط عادة وبعد أن سحبت الدولة امتيازات هذا التيار وعاملت الإخوان وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الاسلامي على منوال الآخرين بعد عقود من المشاركة والتعايش.
الدولة ترفض مزاعم التزوير وترى في اتهامات الإسلاميين محاولة للتغطية على انقساماتهم الداخلية العميقة وعمليات تصفية حسابات واسعة وقعت بين "الصقور" و"الحمائم" فضلا عن خلافات حول اختيار المرشحين والقوائم والشعارات "الطنّانة" دون أن تعبّر معظمها عن رغبة القواعد. ساهم دفاع الإسلاميين "المستميت" عن الانقلاب العسكري الذي قادته حليفتهم الفلسطينية حماس ضد السلطة الوطنية في غزة هذا الصيف والممارسات اللاحقة ودخول إيران على خط حماس في تراجع شعبيتهم, بحسب الرواية الرسمية.
فور ظهور النتائج صدرت إرادة ملكية بتعيين مدير المكتب الخاص لجلالة الملك د. باسم عوض الله - الشخصية السياسية الأكثر جدلا وحراكا المساهم في هندسة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في عهد عبد الله الثاني-- رئيسا للديوان الملكي. وفي ذلك تعبير عن تسريع جهود التحديث.
جاء ذلك بالتزامن مع تكليف المهندس نادر الذهبي, رئيس مفوضية منطقة العقبة الاقتصادية ووزير النقل ورئيس أركان سلاح الجو الملكي سابقا تشكيل حكومة "تنموية اقتصادية" تعكس في سياساتها روح الأجندة الوطنية وملتقى "كلنا الأردن".
النخب التقليدية وقطاعات شعبية واسعة وقفت مطولا أمام اختيار المهندس الذهبي بعد أسابيع من التكهنات سيما وأنه الشقيق الأكبر لرئيس المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي.
أثار اختيار الفريق الوزاري عديد أسئلة حيال تناغم توليفة التشريعية-التنفيذية وصولا إلى تغييب أو غياب مدارس سياسية تقليدية وشخصيات مخضرمة. لذلك يتوقع أن تتعرض التوليفة الجديدة لانتقادات الصالونات السياسية استمرارا لما يسمى بـ هواية "الطخطخة" في كل الاتجاهات.
على أن المقربين من حلقات صناعة القرار العليا لمسوا توجهات ملكية لقياس الأمور بناء على الصدقية والمهنية المسلكية لـ "الباشيين" بناء على انجازاتهم السابقة في المواقع الرسمية التي خدموا فيها. وثمّة سابقة في العهد الجديد حين عين سمير الرفاعي رئيسا للديوان الملكي بينما احتل والده منصب رئيس مجلس الاعيان. فصلات القربى ليست الاعتبار الأساس.
يؤمل من هذه الخطوة تراجع التجاذب الذي ساد بين الحكومات السابقة و مراكز أخرى لصنع القرار حول اتجاه سرعة تنفيذ السياسات والصلاحيات ما كان يفتح الباب أمام جهات لانتهاج مواقف قائمة على قراءات شخصية او التواري خلف القصر او الاجهزة الامنية.
الرئيس الجديد سيغرق في تفاصيل الهم الاقتصادي الاجتماعي التنموي بينما يشرف الملك على إدارة ملف السياسة الخارجية بمساعدة مجلس السياسات الوطنية فيما تواصل دائرة المخابرات إدارة ملف الأمن وضمان الاستقرار.
فالتوزيعات- بصرف النظر عن الأسماء- أضحت أكثر وضوحا وانسجاما بعد الحراك الأخير الذي ينظر اليه لكي تساهم في ترتيب المطبخ السياسي الداخلي بعد أن أصبح العزف على غير انسجام فكان أقرب إلى اللحن النشاز.
لكن هذه المعادلة تخرج على الأرجح عن صلاحيات رئيس الوزراء المنصوص عليها في الدستور؟
يرى محللون سياسيون أن الملك, الذي اضطر للتدخل مرارا لتصويب اعوجاج قرارات حكومية سابقة, يرغب في توزيع الصلاحيات بحيث تعطى الساحة الداخلية جل اهتمام الرئيس ووزرائه.
ويصر القصر على الوقوف على مسافة واحدة من جميع اللاعبين الأساسيين في الدولة ويسانده في ذلك جهاز أمني معروف بولائه المطلق للعرش.
اليوم تتّجه الأنظار صوب التغييرات التي ستطال مجلس الاعيان أو "مجلس رجال وسيدات الملك". وقبل أيام تقرر أحتفاظ زيد الرفاعي برئاسة مجلس الاعيان وهو رئيس الوزراء الاسبق المخضرم الأقرب إلى المدرسة السياسية المحافظة.
ومن المتوقع إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب السابق لأربع دورات المهندس عبد الهادي المجالي رئيسا لمجلس النواب.
التغييرات المتلاحقة تبقى مثيرة ومفاجئة مع أنها كانت متوقعة منذ شهور, بحسب ساسة ومراقبين وحزبيين.
بالطبع من السابق لأوانه التكهن فيما إذا كانت سلسلة التجديدات ستؤدي إلى حدوث تغيير فعلي وملموس على الساحة الداخلية لا سيما تحديث الحياة السياسية وتكوين سلطات الدولة وتجديد النخب للخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها منذ .1989
الرأي السائد ان امكانية ادامة طريقة الخيارات التقليدية دون ربط ذلك باصلاح سياسي ممنهج يقود لاحقا الى تشكيل حكومات برلمانية تعكس اوزان التيارات الاساس, سيظل صعب المنال وقد يعيد التجاذبات الى السطح عند كل منعطف.
لكن أجواء التشاؤم المعهودة تسيطر على المشهد المحلي لجهة مستقبل الإصلاح السياسي في بلد قائم على البطريركية السياسية والاجتماعية وعلى الواسطة والمحسوبية والجهوية.
ويظل الحديث عن حلم الديمقراطية ترفا لأقلية قبل تحقيق أولويات شعبية تكمن في الحصول على خدمات صحية وتعليمية أفضل وفرص عمل تنشل المواطنين من ظروف قاسية في دولة تواجه عجزا كبيرا في الموازنة بسبب ارتفاع أسعار النفط. أجواء عدم الاستقرار الإقليمية والدولية أيضا غير مواتية لتحفيز الإصلاحات السياسية. فهناك استحقاقات سياسية كبيرة مقبلة بدءا بنتائج مؤتمر أنابولس الذي سيكون أول تجمع عالمي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على أساس مرجعيات دولية من ضمنها المبادرة العربية للسلام.
نجاح أو فشل المؤتمر سيفرض على الأردن استحقاقات مصيرية مهمّة سيما أن نصف السكان, من أصول فلسطينية, لم يحسموا بعد أمر الهوية السياسية.
في مجتمعات متحوّلة كالأردن لا يكفي الرهان على الإرادة الشعبية للتغيير. فلا توافق مجتمعيا بعد حول وجهة الأردن الذي نريد. الكثير يكمن في يد الدولة التي تمسك بالمفاتيح الضرورية لضمان التحديث التدريجي من دون إقصاء أو تهميش قوى مجتمعية فعّالة وإعادة خلق نخب سياسية واقتصادية في سياق عقد اجتماعي جديد بعد أن أصاب الضمور الطبقة السياسية التقليدية.
ثمّة أدوار متلازمة يجب أن يقوم بها مجلس الأمة والتيارات السياسية الوطنية قيد التبلور والأحزاب المتنافسة, والإعلام والقضاء والقطاع الخاص لجهة تحفيز الإصلاحات السياسية الاجتماعية والاقتصادية.
ذلك الحلم سيحتاج إلى وقت. لكن لا بد أن يبدأ العمل بعد سنوات من التلكؤ. المطلوب أن تتحول الشعارات المرفوعة إلى أفعال ملموسة على الأرض عبر إرادة سياسية واضحة لجهة حسم خيارات التحديث وضمان الانتقال إلى دولة عصرية تتسع للجميع قائمة على أساس المواطنة والمساواة والعدالة في الحقوق والواجبات والالتزام بالدستور وبالقانون.
لا يحسد المهندس الذهبي على منصب رئيس الوزراء.
فالأيام والشهور المقبلة مليئة بالتحديات. وسيعطى مهلة الـ 100 يوم قبل أن تستهدفه النخب السياسية المستبعدة من المشهد الجديد ومن الإعلام والأحزاب والمواطنين. ثم يأتي استحقاق الموازنة, ليبدأ النواب الجدد والقدماء مسلسل فتل عضلاتهم أمام قواعدهم خاصة بعد إغراقهم بسراب الوعود البراقة. وبعدها يأتي استحقاق خدمة الدين وكبح جماح العجز وينتهي بالعبء الثقيل لأسعار النفط والقفزات في الكلف المعيشية وفي توفير شبكة أمان اجتماعي تغطي المستحقين من ذوي الدخل المتدني.
الدولة غير متخوّفة من توزيع القوى السياسية والاجتماعية داخل المجلس الجديد. لن يزعجها التيار الإسلامي المهزوم. فالحكومة ومراكز النفوذ الأخرى تمسك بعلاقات متميزة مع أهم المفاتيح "الأخطبوطات" البرلمانية ورؤساء سائر الكتل. وسيتم التعامل مع البرلمان عبر"المفاتيح" -- أو حلفاء السرّاء والضراء - كما في السابق: عبد الهادي المجالي, عبد الكريم الدغمي, وسعد هايل السرور, وعبد الرؤوف الروابدة ود. ممدوح العبادي وممثل جديد عن النواب الستة المحسوبين على حزب الجبهة الاردنية الموحدة الذين فازوا في الانتخابات الاخيرة اضافة الى مفتاح قيد التكوين يرمز للوجوه الجديدة من رجال البزنس وممثلي تيار الليبراليين الاقتصاديين وهم سياسيا أقرب إلى المحافظين الجدد.
سيضطر النواب الجدد إلى الدوران في فلك "المفاتيح" خلال فترة التعلم والبحث عن قواسم مشتركة قبل ان تتضح ألوان مواقفهم وحساباتهم.
في غياب صبغة سياسية, بسبب قانون الصوت الواحد الذي يفرز نوّاب عشائر وحارات غايتهم الخدمات المحلية قبل أجندة الوطن, ستكون العلاقة بين الحكومة والمجلس "بالقطعة". فزمن الخدمات والمواقف المجانية ولىّ وحلّ مكانه مبدأ تبادل المنافع والمصالح. كل شيء قابل للتفاوض وبثمن.
لكن الوجوه الشابة في البرلمان قد تقف مع الحكومة عند المفاصل الاقتصادية المهّمة لأنها تريد الدفاع عن مصالحها المتأتية من الانفتاح الاقتصادي, من خلال سنّ قوانين يمكن أن تحفّز الاستثمارات وتفتح الأجواء.
ثمّة فرصة "ذهبية" لاحداث تناغم في مفاصل الدولة أمام الاستحقاقات الداخلية وفي الإقليم.
وقد تتدحرج كرة الإصلاحات الاقتصادية في ظل أجواء العولمة بعد توفير مظلّة أمان اجتماعي. لكن الانفتاح السياسي على الأغلب سيبقى مرتبطا بما يحدث في الجوار العربي.
أما الآن فستستمر سياسة "الطوف" على وجه الماء كما السباحة في البحر الميت التي ربما تبقى الخيار الأسلم بينما تمرّ الفيضانات الإقليمية والتحديّات الاقتصادية وتتضح صورة المشهد المغبرّ داخليا وعربيا.
الدهيسات رئيسًا لجمعية المركز الإسلامي
الأردن والعراق: تسهيلات لحضور المشجعين في البصرة
الأمم المتحدة: 1.4 مليون متضرر من فيضانات جنوب السودان
حماس توضح موقفها بعد قرار قطر بوقف الوساطة
تزايد الشكاوى في بريطانيا حول جودة الطعام المقدم للمرضى
أكبر من شغب الملاعب .. مشجعوا مكابي واستراحة المحارب في أمستردام .. كيف تصدى لهم العرب
مواطنو الغدير الأخضر بالمفرق يطالبون بتوصيل خطوط المياه
الشوبكي: 70 مليار دولار من غاز الريشة مهدرة
ورشة في الرويشد للتوعية بسرطان الثدي
وزير الأشغال يتفقد صيانة طريقي وادي شعيب وماحص
الأردنيّة تنعى فقيدتَها الدكتورة ليلى الحناينة
حملات مكثفة على المطاعم والمقاهي في عمّان
موسم زيتون صعب في الأردن وارتفاع سعر التنكة .. فيديو
مهم بشأن رفع الحد الأدنى للأجور
إيقاف ملحمة شهيرة في العاصمة عمان عن العمل
توضيح من الضمان بشأن رواتب تقاعد الشيخوخة
أمطار وكتلة هوائية أبرد من المعتاد قادمة للمملكة .. تفاصيل
أم تستغل ابنتها القاصر بالعمل مع الزبائن
وظائف شاغرة بالجامعة الأردنية .. تفاصيل
أمطار غزيرة وعواصف رعدية وتحذيرات من السيول
قرارات مهمة من وزارة العمل .. تفاصيل
تحذير لمالكي السيارات الكهربائية .. تفاصيل
دائرة الأراضي تطلق خدمة إلكترونية جديدة .. تفاصيل
مهم من التعليم العالي بشأن البعثات والمنح والقروض
وظائف شاغرة في أمانة عمان الكبرى