جديد البلاد: حكومة ومجلس

mainThumb

24-11-2007 12:00 AM

الحكومة الجديدة مثل مجلس النواب الجديد يصعب على المراقب المحايد قراءتهما ومعرفة بوصلة الاتجاهات التي سيسلكانها. امس كانت انتخابات تجرى في استراليا. وسائل الاعلام العالمية اجمعت بأن سقوط هاورد يعني كذا وكذا, ومجيء كيفن رود يعني تغييراً في العراق وفي السياسات الداخلية.

مثل هذا الاستخلاص لا يمكن ان نتلمسه في المجلس النيابي الجديد ولا في الحكومة الرشيدة في يومهما الاول. الزمن هو الذي يحكم, والاعمال هي التي تقرر لا الاقوال, لان كل حكومة تبدأ ببيان يُتلى على الناس لمدة نصف ساعة على الاقل عن برنامجها وتعهداتها, لكن جميع الحكومات تذهب لتأتي غيرها بشعارات التجديد والاصلاح والتنمية بما يوحي ان من كان قبلها لم يحقق شيئا من هذه الشعارات.

على ان القصة الاهم, هي في المجلس النيابي الجديد وليست في الحكومة الجديدة. ففي المجالس السابقة كانت هناك كتلة الاسلاميين التي تراوح عدد مقاعدها من 15-21 مقعدا. وهو ما كان يعطي الامل بأن وجود كتل حزبية او (تياراتية) في المجالس النيابية سيتعزز مع ولادة كل مجلس جديد. كنا نحلم, دولة وشعباً واحزاباً ومثقفين بأن نرى خطوة اعمق نحو هذا الاتجاه, خاصة منذ ان اتجه الحكم الى خلق حقيبة وزارية جديدة باسم وزارة التنمية السياسية.

هذا المجلس, الخامس عشر, لم يكن القشّة التي قصمت ظهر البعير (الديمقراطي) فقط انما الهراوة التي نزلت على رأسه. فمعالم المجلس تؤكد بأنه ابعد ما يكون عن امكانية تشكيل كتل نيابية, من يمين ويسار ووسط. مجلس (وحدانا وفرادى) حتى إن فكرت في البحث عمّن يصلح عضوا في اللجنة المالية والاقتصادية ستجد ان المسألة تشبه البحث عن الماء على سطح القمر.

لكن طبيعة المجلس - وغياب التيارات السياسية فيه قد يسهلان الامر على الاصلاح ان وجدت الارادة, (فالفردانية) الشائعة بين النواب قد تسهل فكرة انشاء نظام داخلي يقوم على اساس فرض التكتل, لا انتظار حصوله, تماما مثل فرض الكوتا, بمعنى آخر اجبار النواب على الانتظام في ثلاثة منابر بالوان سياسية من اليمين الى الوسط الى اليسار. وهذا قد يخلق حالة من التطبيع مع العمل الديمقراطي النيابي على اساس الكتل عند مناقشة مشاريع القوانين انطلاقاً من خلفية النائب وما يمثله منبره من مصالح اجتماعية واقتصادية ومالية وزراعية وصحية .. الخ.

من اسهل الامور تمرير مشاريع القرارات الاقتصادية والمالية وغيرها على الجسر الذي سيقوم بين الحكومة والمجلس الجديدين لكن ماذا عن الجسر او الجسور بين السلطتين (الجديدتين) وبين الرأي العام? ماذا عن الخطاب السياسي الذي يقنع الناس بصحة السياسات او بطلب التضحية من اجل القرارات الصعبة?

في كل الاحوال, من اجل نجاح هذه الحكومة نلجأ الى الدعاء بأن ينزل سعر برميل النفط الى 50 دولارا, وان يرتفع الدولار مقابل اليورو وان تزداد المساعدات وتخف اعباء المديونية. لهذا نقول اعان الله الحكومة. اما عن المجلس الجديد, فلا ادري حقا ان كان ينفع الدعاء بغياب المؤثرات الدولية عليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد