الانترنت: وهم الحرية

mainThumb

02-09-2007 12:00 AM

المكان الوحيد الذي يمكنك فيه ممارسة حريتك بلا رقابة هو خيالك فقط ، فلا يوجد مكان في العالم ممكن أن تكون فيه حرا بلا رقابة ، حتى الانترنت لم يعد مكانا لممارسة الحرية ، من يصدق أن بالإمكان معرفة البيت الذي تتصل منه بالانترنت فور دخولك إلى الشبكة؟ هذا ليس عملا سريا ولا متخصصا ، بل خدمة مجانية يقدمها لك بريد جوجل ميل ، وما عليك سوى الدخول إلى هذا العنوان ( http://www.ip-adress.com/ ) حتى ترى صورة منزلك ، عبر الأي بي أدريس الخاص بك ، وفق برنامج جوجل إيرث ، هذا فضلا عن إمكان أي موقع معرفة من يدخل إليه ومن أي دولة وفي أي توقيت إن أراد معرفة ذلك ، ما يؤكد أن الحرية المزعومة على شبكة الانترنت هي مجرد وهم لا أساس له من الصحة ، هذا إضافة إلى إمكانية مراقبة بريدك الالكتروني وقراءة كل شاردة وواردة فيه ، بل امكانية سرقته بالكامل والدخول إليه وقراءة كل ما فيه، الرقابة الموجودة على الإنترنت متنوعة ، ومنها سياسة حجب بعض المواقع بكبسة زر ، وللمدة التي يريدها "الحاجب" إما لشهور أو أيام أو ساعات ، أو ربما تدمير الموقع بالكامل وإلغائه تماما ، كما يمكن مراقبة البريد الالكتروني لبعض المستخدمين كما قلنا ، وقد تسبب ذلك في القبض على العديد من الأشخاص بوصفهم متهمين في الشقيقة مصر ، مثل القبض على المهندس أشرف إبراهيم عام 2003 الذي قيل إنه من خلال المعلومات في بريده الإلكتروني تبين انتمائه لتنظيم يساري ، وإنه يرسل للخارج معلومات حول حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر مما يضر بسمعة وهيبة الدولة.
إلا إنه حصل على البراءة لعدم قدرة "شرطة الإنترنت" على إثبات هذه المعلومات ، وهناك أيضا قضية أخرى خاصة باعتقال المهندس صلاح هاشم الذي وجه له الاتهام بأنه ضمن مؤسسي تنظيم الجماعة الإسلامية وذلك بعد تبادله لبعض رسائل البريد الإلكتروني مع قياديين إسلاميين بالخارج ، وقضية القبض على شهدي نجيب سرور خبير الإنترنت وابن الشاعر الراحل نجيب سرور في 30 يونيو 2002 والذي حكم عليه فيها بالسجن لمدة عام ، إلا إنه سافر في مرحلة الاستئناف إلى روسيا لأنه يحمل جنسية روسية حتى يسقط عنه الحكم ، وكانت التهمة الموجهة إليه هي نشر قصيدة لوالده على أحد المواقع الإلكترونية بزعم احتوائها على عبارات مخالفة للآداب العامة ولكنها في الحقيقة بها مواقف نقدية سياسية. وفي المجال الأخلاقي تقوم الشرطة المصرية مثلا في بعض الأحيان باستدراج بعض المثليين من على شبكة الإنترنت ونصب الفخاخ لهم ثم الزج بهم خلف السجون وهذا ما حدث لـ 46 رجلاً مصرياً على الأقل اعتقلوا وتمت محاكمتهم بتهمة السلوك المثلي منذ بدايات عام 2001 حتى نهاية 2003 إثر وقوعهم في فخ شرطة الإنترنت ، فكان يتم استدراجهم عن طريق أشخاص يعقدون صداقات معهم على غرف الدردشة ، وبعد فترة يتم تحديد لقاء ليقبض فيه عليهم بجريمة الفجور. ومن الأنماط الأخرى للرقابة إحكام السيطرة على مقاهي الإنترنت التي أصبحت منتشرة بصورة واسعة جدا في البلاد العربية ، وخاصة في المناطق الفقيرة لعدم قدرة سكانها على شراء جهاز كمبيوتر ، حيث تعمد السلطات إلى الطلب من أصحاب مقاهي الإنترنت عمل سجلات لكل مواطن يرغب في استخدام الإنترنت عبر الحصول على اسمه وبيانات بطاقته الشخصية وأرقام هواتفه ، بل يصل الأمر أحيانا إلى إيهام مستخدمي هذه المقاهي بأن ذلك يحدث لوجود سحب على جوائز، وأحدث أشكال الرقابة على الإنترنت تتمثل في رصد المدونات حيث تم القبض على عدد من المدونين العرب في غير بلد عربي ، وكل هذا يؤكد أن فضاء الانترنت يسبح في وهم الحرية ،
al-asmar@maktoob.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد