الإسلاميون والمشاركة

mainThumb

02-09-2007 12:00 AM

لقد قدم إسلاميو تركيا درساً هاماً نظيفاً في المشاركة السياسية والعمل الديمقراطي، وهي صورة تتشابه مع العمل الإسلامي في ماليزيا، وتحاول اللحاق بها عملية المشاركة للإسلاميين في المغرب. هذه الصور المتقدمة والناجحة بنيت على أساس الفهم الدقيق لواقع هذه الأقطار والظروف الدولية مع استبعاد كافة الصور السلبية والمناهج الكلاسيكية في العمل الإسلامي.

والناظر في البلاد العربيّة يجد نموذجين أحسن حالاً من بقية الأقطار العربية هما النموذج الأردني والنموذج اليمني حيث الاتجاه الإسلامي اتجاه مرخص يعمل في النهار وأساليبه سلمية ويؤمن بالعمل القانوني والدستوري ويستبعد كافة أشكال العنف والانقلابات. بل كان له دور في بناء الدولة وحفظ أمنها واستقرارها مما جعله شريكاً في السلطة التشريعية وأحياناً في السلطة التنفيذية.

والصور الأخرى اعني النموذج الثالث للعمل الإسلامي وهي حركات الرفض والعنف والثورة والانقلاب والاغتيالات والتكفير ونحو ذلك هي الصور السلبية للعمل الإسلامي حيث يدمر هؤلاء انفسهم وأوطانهم ويستدعون البلاء لهم ولغيرهم وما ينتج عن ذلك من آثار اجتماعية وسياسية واقتصادية.

نريد لأقطاب العمل الإسلامي ان يختاروا المنهج الصحيح والسليم الذي يقوم على الاصلاح وفن الممكن والانتماء للبلاد والعباد والبحث عما يحقق الخير للناس بعيداً عن العنتريات والاحتقان والتي لم تجلب لنا تاريخياً وواقعياً إلا الدمار والاشلاء والاغتيالات والتصفيات.

ان المسلم يؤمن بالبناء والاعمار وتقديم الخير للناس وينصح ولا يفرض، يدعو ولا ينفر، يغرس الايمان ولا ينشر الكفر، يبش في وجوه الناس ولا يقطب الجبين، يُحْسن اليهم ولا يدعو عليهم. وعلى صعيد العمل الجماعي فإن المفترض في أية حركة تسمي نفسها اسلامية ان تكون على قدر هذا الاسم، فتقدم مشروعاً حضارياً في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يكتب في المشروع الا ما هو قابل للتطبيق ضمن قدرات البلد وامكاناته، وضمن معادلة التعامل مع دول العالم، وان الكيان الاسلامي كيان يعيش بين دول.

والاسلاميون مدعوون لمراجعة الأدبيات التي يتغذى أفرادهم عليها من مشاركة ومفاصلة ومقاطعة وتكفير وديمقراطية والموقف من الآخر وموضوع المرأة والحوار وفقه المعاملات ودار الحرب ودار الاسلام والامامة وشروطها والعلاقة بين المذاهب والفرق.

فاذا قدم الاسلاميون اجابات واضحة عن اجتهادات جديدة يمكن عندها ان يقفزوا إلى المشاركة حتى تصل إلى أعلى مدى لها. أما إذا استمرت المفاهيم في العقول على ما هي عليه فان الثمرة ستبقى في حالة الصراع والنظرة السوداوية والمكر والمكر المضاد، والعيش على فقه الابتلاء والبلاء، واستجداء التخفيف والألم، وفي المقابل فان الطرف الآخر واجبه قبول نتائج الصناديق النزيهة، كما حصل في تركيا والانصياع لذلك، واعطاء اصحاب النتائج المتقدمة في الاقتراع حقهم في المشاركة والاداء السياسي، لان التضييق والتحجيم والوضع في الزوايا، والرفض الأعمى لهم ولوجودهم كما حصل في بعض الأقطار، سيقود بالتأكيد الى العودة الى الادبيات السلبية من عنف وتكفير وعمل سري، مما يوقع البلاد والعباد في ما لا يحمد عقباه.

ادعو الاسلاميين الى المراجعة وصياغة تحديدية لما يريدونه وما يقبلونه من مشروع يساهم في البناء والاعمار، وادعو الكيانات في العالم الاسلامي الى الصراحة مع شعوبها ان كانت تقبل بالمشاركة وتداول السلطة والشفافية والنزاهة وان جميع ابناء الأمة هم مساهمون في العمل والبناء نحو غدٍ مشرق واعد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد