إلغاء دعم الأعلاف .. أليست لغة أرقام؟!.

mainThumb

31-08-2007 12:00 AM


كل قرار للحكومة يتحول الى ازمة وكل ازمة تخلف ضحايا من المواطنين والوزراء.

كل قرار للحكومة يتحول الى ازمة, احيانا يكون ضحاياها المواطنون واحيانا اخرى الوزراء. آخر قرارات الازمة رفع الدعم عن الاعلاف. فبعد ان اعلن رئ¯يس الوزراء منذ اكثر من اسبوع انه لن يسمح للغة الارقام بالانتصار على لغة المصالح الاجتماعية واتخذ قرارا بعدم رفع اسعار المحروقات هذا العام مضحيا بنائبه ووزير ماليته عاد والتزم من جديد بلغة الارقام.

قوبلت الصيغة الحكومية الجديدة للدعم والقائمة على آلية معقدة بالرفض من مربي الماشية الذين تظاهروا يوم الخميس الماضي في اكثر من منطقة احتجاجا على ما وصفوه بقرار الاعدام للثروة الحيوانية.

مربو الماشية على حق, فالآلية المقترحة للدعم ستدفع بالمئات من صغار المربين الى التخلي نهائيا عن تربية الماشية فقد اصبح ثمن كيس الشعير 12 دينارا بعد ان كان لا يزيد على 6 دنانير, في المقابل تلقى اصحاب المواشي من فئة 500 فما دون دعما لا يزيد على دينار واحد للكيس.

واطرف ما في صيغة الدعم الجديدة ان سعر طن الشعير »260 دينارا« اصبح ضعف سعر طن الخبز الجيد »160 دينارا« تقريبا, اي ان بوسع مربي الماشية اطعام مواشيهم الخبز من ارقى المخابز عوضا عن الشعير!

استندت آلية الدعم الجديدة على ركيزتين اساسيتين الاولى سياسية اقتصادية جوهرها التخلي نهائيا عن سياسة الدعم في كل القطاعات وقد شهدنا النتائج الكارثية لهذه السياسة على فئات اجتماعية واسعة تعاني اليوم من اوضاع اقتصادية سيئة جراء تخلي الدولة عن دورها لصالح قوى السوق التي لا ترحم.

الثانية: التعداد الاخير للمواشي الذي فشل القائمون عليه في الوصول الى نتيجة دقيقة حول اعداد المواشي في الاردن وتخللته اخطاء عديدة.

بهذا المعنى فان الآلية الجديدة استندت الى معطيات خاطئة حتى من الناحية الرقمية. وحسب مختصين فان الدعم النقدي المقترح لمربي الماشية لا يشكل اكثر من 10% من قيمة الدعم الذي كانوا يحصلون عليه وفق الصيغة السابقة.

هناك تجاوزات وثغرات كبيرة في الآلية القديمة للدعم استفاد منها تجار لا يستحقون الدعم على حساب صغار المربين وكان بالامكان تصحيح هذه الالية ومعالجة التجاوزات من دون اللجوء الى تغييرها جذريا بشكل يطيح بمقومات تربية المواشي من اساسها. ففي كل المحافظات هناك مئات الاسر تعتمد في حياتها على تربية الاغنام والماعز وتنفق من مردودها لتوفير حياة كريمة لابنائها. هذه الفئات التي لا تزيد حيازاتها على 500 رأس ينبغي تقديم الدعم لها لا بل زيادته وتشجيع اوساط اجتماعية في الريف والبادية على تربية المواشي والزراعة. فكيف يمكن لهذه الفئات ان تعيش اذا اصبحت غير قادرة على الزراعة او تربية المواشي في وقت لم تعد فيه الدولة قادرة على توفير الوظائف للاجيال الجديدة من الخريجين او جذب الاستثمارات الى خارج عمان والمدن الكبرى.

ان اصرار الدولة على الخروج من الدورة الاقتصادية والاجتماعية ينذر بكوارث على حياة الفقراء لا يمكن تخيل نتائجها في المستقبل. فكيف نستطيع اقناع صغار المربين في الكرك ومادبا والمفرق بسياسة الغاء الدعم فيما الحكومات تتسابق على سن التشريعات وتقديم التسهيلات للمستثمرين الذين نمنحهم الارض مجانا ونعفيهم من ضرائب بملايين الدنانير لمجرد انهم تلطفوا علينا باستثماراتهم التي تحول عوائدها للخارج.

على مدار السنوات الماضية عملت ماكنة, »الاقتصاديين الجدد« على »شيطنة« الدعم باعتباره سياسة مناقضة للتوجهات العالمية متجاهلين تماما حقائق الدولة الاردنية وظروفها التاريخية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد