شيطان الإعلام .. مرة أخرى

mainThumb

29-08-2007 12:00 AM

في مقال سابق أشرت إلى ما قاله لنا أحد أهم خبراء الأخبار في بريطانيا"كين ميدوز" ذات دورة تدريبية عن قواعد اللعبة الإعلامية التي صنعها الغرب وأوجد لها شيطانا اسمه الرأي العام لكي تدعي القوى السياسية والاقتصادية التي صنعته بأنها تحترمه وتحسب له ألف حساب مع أنها تلعب به كيفما تشاء ، وتخلق له اشكالا وقوالب ومضامين مدروسة بعناية لتجل اللعبة ممتعة ومربحة في آن معا.
في السنوات الأخيرة بدأنا نلمس جوانب تلك اللعبة بعدما صار العالم قرية صغيرة - كما يقولون - ترى فيها كل شيء مع أنه مجرد وهم ، وتظن في نفسك أنك تفهم ما يجري مع أن ما يجري غير الذي ترى وتسمع، لاحظوا مثلا الدراسات الميدانية التي تجريها مراكز الأبحاث بشأن القضايا التي تهم الرأي العام فستجدون أن النسب المئوية لا تحسم أي شيء لأنها تدور حول الخمسين بالمئة أكثر بقليل أو أقل بقليل ، ولا يمكن أن نرى النسب ترتفع أو تتدنى بشكل واضح إلا إذا بدأت وسائل الإعلام حملة للصعود بنجم أو فكرة أو تمهيد لقرار معين ، أو العكس تماما ، أي أنها تفتح الطريق لشيء قادم مستخدمة"الشيطان الغبي"أو الرأي العام ليندمج في اللعبة.
انظروا إلى الدور الذي يلعبه الإعلام في تأجيج الصراعات السياسية مثلا بحجة أنه يقوم بدوره في ايصال الحقيقة للجمهور ، ولاحظوا مرة أخرى كيف يستخدم الرموز السياسية ويستدرجها لتدخل"القالب"الإعلامي .. مشهد واحد قصير.. أحدهم يدخل من خارج المبنى .. يدخل مكتبه دون أن يكترث بالكاميرات ثم يجلس وراء الطاولة يمثل بأنه يوقع بعض الأوراق ، أو يجري مكالمة هاتفية ، وفجأة يتحدث للمراسل الصحفي، شخص من هذا الطراز - ومعظمهم كذلك - كيف يسمح لنفسه ويصدق بأنه هو الذي يصنع الأحداث ، وقد رأيناه مجرد لعبة في يد" القناة"، ذلك هو ما يجري بالفعل ، كلهم عبيد للإعلام ، والإعلام عبد سيده ، وصدقونوا أن الإعلام الرسمي هو الأكثر نقاء وحرية وكرامة في هذا الفضاء العربي الذي يعاني من شدة الاحتباس الأخلاقي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد