مرشح العشيرة: أين الأردن أولا؟!.

mainThumb

17-09-2007 12:00 AM

لا يستطيع اي سياسي او مثقف او متابع للشؤون الانتخابية ان يتجاهل ما ينشر في الصحافة وما يجري بالفعل على ساحة الانتخابات النيابية المقبلة. اقصد بذلك قصة (مرشح العشيرة) و (الاجماع العشائري) وغير ذلك من مظاهر سلبية من حقي كمواطن, مثلما هو من حق اي اردني ان يبين رأيه فيها لسببين (1) لان النائب عضو في مجلس النواب, ولان المجلس الى جانب مجلس الاعيان يمثلان الجملة الدستورية التي تقول بأن »الامة مصدر السلطات«. ولان السلطة التشريعية منوطة بمجلس الامة والملك. وبهذا يرتبط مجلس النواب بالامة والوطن لا بالعشيرة والعائلة.

2) لأن المرشح عندما ينجح في الانتخابات ويصبح نائباً, يؤدي قسماً دستورياً يقسم فيه بالله العظيم أن يخدم الامة (ولم يذكر العشيرة). وهو نفس القسم الذي صاغه الدستور للوزراء. فهل سيقودنا النهج الانتخابي الحالي الى مرحلة يدخل فيها الوزراء الى الحكومة استنادا الى اجماع عشائري?

لهذه الاعتبارات وغيرها نتصدى لهذه الظاهرة في بلد تقدّم على غيره من البلدان العربية بتخصيص وزارة للتنمية السياسية تحت شعارات الديمقراطية والاصلاح. وفي بلد هو المبادر في المنطقة الى شعار (الاردن اولا), و(كلنا الاردن) مما يجعل شعار (مرشح العشيرة), بعد ان اصبح علنيا ومتداولا, يتناقض كليا مع الاردن اولا. فذلك مسار وهذا مسار آخر, ودعم العشيرة لمرشحها شيء لا غبار عليه لكن ان يعلن ذلك في الصحف وعلى الملأ فشيء آخر لانه يؤسس لنهج سياسي خطير.

التصدي للظاهرة الانتخابية لا يعني التصدي للعشائرية, كلنا في هذا البلد ننتمي لعشائر وعائلات وهو امر نفتخر ونعتز به, لكن ليس على حساب الوطنية والمواطنة, وهنا بيت القصيد. فنحن نعيش في منطقة ضعفت فيها الولاءات الوطنية وتقهقرت لحساب ولاءات طائفية واثنية ومذهبية. والعراق ولبنان مثالان حيّان. واذا لم نجعل الاردن اولا شعارا نطبقه في الداخل وبين انفسنا, فكيف نطالب بتطبيقه تجاه الآخرين?

عندما يضعف الولاء للوطن, تتقدم الانتماءات القبلية والمذهبية والطائفية, فتصبح الوطنية تهمة, ويصبح وزن الاوطان بوزن الريشة تتقاذفه الاطماع الخارجية وتتنازعه مفاهيم داخلية بين ابنائه حيث يصبح لكل فئة مفهومها الخاص عن الوطن والوطنية فتتعدد الولاءات وتتنازعها المصالح الخاصة لكل فئة او طائفة او عشيرة. ولا ادري ما الذي يدفع اي مواطن لانتخاب مرشح اجماع عشيرة بعينها ما دام ينتمي الى عشيرة اخرى في نفس الدائرة!

البنية الوطنية الموحدة المرصوصة القوية هي وصفة الحصانة الوطنية في الزمن الرديء زمن الانقسامات وحروب الداخل وتغليب الولاءات الطائفية والمذهبية والاثنية والقبلية. والبنية الوطنية تحتاج نوابا يمثلون الامة مصدر السلطات ولا يمثلون ديوان عشيرة تريد ان تلغي بعدد اصواتها الفرصة امام اي تنافس, على اساس الكفاءة, بين ابناء الدائرة الواحدة.

نعتز بالعشائرية ونفخر بها, لكن باعتبارها لحمة الشعب الاردني, الاستعمار وحده, هو من استثمر العشائرية لضرب البنى الوطنية, حدث ذلك في الماضي ويحدث الآن جهاراً نهاراً في العراق. وما ميّز العشائر الاردنية, كان وسيظل نجاحها في بناء الوطن الاردني وجعل العصبية والولاء حكرا للدولة وللوطن, وللقيادة الهاشمية برمزيتها الوطنية والعربية والاسلامية. فالعشائر الاردنية, بطبيعتها وتاريخها هي لحمة الشعب ومنبع الوطنية والانتماء للاردن. وما يميز عشيرة عن اخرى هو سباق التنافس الاجتماعي في الكرم والنخوة وخدمة الغير والارتقاء الى مستوى الوطن كله.

المدافعون عن الصوت الواحد في قانون الانتخابات كانوا دائما يقدمونه على انه الضمانة لوحدة البلاد وهويتها الوطنية, في وجه اي انقسامات حزبية او غير حزبية, ولا ادري ان كان هؤلاء سيظلون على موقفهم وهم يشاهدون الدائرة الواحدة تنقسم الى دوائر اصغر والعشيرة الى عشائر, من اجل انتخاب نائب العشيرة والحارة, فماذا عن العشائر الاخرى بل عن الافخاذ (المعارضة داخل العشيرة)?! وهل تبقى فرصة لنجاح مرشح يعلن بأنه نائب وطن, وممثل امة اي الشعب الاردني كله!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد