الملك : أخشى أن لا يتبقى شيء من الأرض لاقامة دولة فلسطينية

mainThumb

21-02-2008 12:00 AM

السوسنة - قال جلالة الملك عبدالله الثاني..أن بقاء ملفات عربية حساسة ومهمة كملفات العراق وفلسطين ولبنان مفتوحة بهذه الطريقة دون حل أو حسم سيؤدي الى أن تدفع المنطقة برمتها الثمن وهو الثمن الذي سيكون كبيرا .

وأضاف جلالته..أن على الفلسطينيين فك الاشتباك القائم بينهم حتى لا نصل الى مرحلة يحدث فيها اصطدام تكون نتائجه خطيرة جدا على الشعب الفلسطيني..مشيرا جلالته الى ضرورة أن يتم دعم المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لاننا قد نصل الى مرحلة صعبة جدا وأخشى ما أخشاه أن لا يتبقى شيء من الارض لاقامة دولة فلسطينية اذا استمر الحال على ما هو عليه .

وفيما يلي نص حديث جلالة الملك الذي أجراه رئيس تحرير مجلة الوطن العربي الباريسية الزميل خالد أبو ظهر بحضور الزميل ماهر أبو طير من صحيفة الدستور ونشر بالتزامن في الدستور والوطن العربي اليوم.

زيارة ليست الاولى..

لم تكن تلك زيارتي الاولى الى العاصمة الاردنية عمان..كنت اسأل نفسي دوما عن سر قدرة هذا البلد بجغرافيته الصغيرة وامكاناته المحدودة على أن يبقى ويستمر وسط اقليم يتفجر دوما بالازمات..واذا كان الاردنيون يقولون دوما أن بلدهم وجد ليبقى فقد كان السؤال ملحا لدي بحثا عن الاجابات التي تجعل بلدا كالاردن ينجو دوما وسط الحرائق التي شبت جواره في فلسطين والعراق ولبنان وتلك الحرائق المتوقع لها أن تشب بين لحظة وأخرى..هذه المرة سافرت الى عمان من أجل مقابلة الملك عبدالله الثاني..وحين حطت الطائرة على أرض مطار الملكة علياء الدولي كانت صورة الثلج المتبقي على الجبال مثيره..فالثلج موجود على قمم الجبال والشمس ساطعة أيضا والهواء بارد وقلوب الاردنيين الذين استقبلوني كانت حاره..انه البلد الذي يستطيع دوما ان يوفق بين المتناقضات..ليبقى هو وسطها والسياسة الاردنية استطاعت بقدر ليبراليتها ان تبقى محافظة على الاسس والثوابت وبقدر انفتاح الاردن على العالم بقي بلدا عربيا في شرق المتوسط لم يفقد هويته ولا قلبه وسط التغيرات الهائلة التي تجتاح الدنيا بفعل العولمة والتغيير .

خصوصية عهد الملك..

في ليلتي الاولى في الفندق التقيت بصديق أردني كان سفيرا للاردن في الخارج سألته لماذا يقول البعض..ان الملك عبدالله الثاني هو ملك أردني بالدرجة الاولى؟ ووالده الملك حسين كان ملكا عربيا بالدرجة الاولى؟..لم يعجب سؤالي السفير..فقال كلاهما ملكان أردنيان عربيان..غير أن عهد الملك عبدالله الثاني يختلف لا لذاته فقط بل لان كل ظروف الاقليم اختلفت..فحتى مؤسسات العمل العربي المشترك ضعفت والقمم العربية بالكاد تعقد والعراق تحت الاحتلال وتأثيرات أخرى جعلت الاولويات تختلف..وأضاف لكنك وأنت سترى ملكنا عليك ان تعرف انه حين طرح شعار الاردن اولا لم يكن يطرح شعارا انعزاليا بل كان يقول..نحن عرب ومنهم ولاجلهم..لكن واجبنا ان نكون عربا حقا بحفاظنا على الاردن وحمايته وسط هذا الاقليم.

أنا أقر بحقيقة أن الملك عبدالله الثاني يحافظ على خطين متوازيين ما بين أولويات بلده والقضايا العربيه..هو فعلا ملك أردني عربي استطاع أن يكون عربيا بانحيازه لعروبته وحفاظه على

الاردن .

في اليوم التالي جلت في عمان وكانت ساعات قليلة تفصلني عن الذهاب الى بيت الاردن لمقابلة جلالة الملك..كان لافتا للانتباه بالنسبة لي قبيل الوصول الى بيت الاردن بقليل أن أكتشف أن قصر الملك يأتي وسط منطقة شعبية عادية جدا وقصر شقيقه الامير فيصل يقع وسط ذات المنطقة الشعبيه.

قمة دمشق..

اقتربت الساعة الثانية تقريبا..لحظات مرت تم الطلب منا ان نتقدم لمقابلة الملك الذي احتفل بعيد ميلاده السادس والاربعين قبل ايام فصافحنا بحرارة بالغة وكان يستعد للسفر الى موسكو..وجهه كان مرتاحا على الرغم من أن الشيب نال من شعره..الا انه كان كالعادة قويا.

سألت الملك الذي كان قد زار دمشق قبل فترة وهي زيارة أثارت حيرة لدى أوساط عديده..هل سيشارك الاردن في القمة العربية في دمشق؟.

أجاب الملك..نحن في الاردن حريصون على سورية كل الحرص..فسورية بلد عربي كبير وشقيق له وزنه وأهمتيه وكل الدول العربية ترغب بطبيعة الحال في المشاركة في القمة..وانا ذهبت الى دمشق والتقيت اخي الرئيس بشار الاسد ودوما نحن لدينا اهتمام بأن تبقى سورية في الحضن العربي .

حياة الشعب اللبناني..

سألت جلالته..هناك معلومات تقول ان السعودية ومصر قد لا تحضران القمة فهل سيشارك

الاردن؟.

أجاب الملك..علينا ان نشير الى ان هناك رغبة عربية بنجاح القمة واعتقد ان سورية لها دور اساسي في نجاح القمة اذا ما ساعدت في حل بعض المشاكل ولم تضيع الفرص المتاحة..الحقيقة ان علينا جميعا ان نسعى لحل مشاكلنا وتوحيد الموقف من القضايا العربية ليكون مستوى القمة من حيث الحضور والمشاركة ناجحا واملنا دائما في اخواننا في سورية ان يتفهموا الموقف العربي ..وان نسعى معا لتعزيزه وحل كثير من النقاط العالقة على الصعيد العربي خصوصا ملف لبنان .

وأضاف الملك..سورية دولة مهمة والشعب السوري شعب عربي عزيز يهمنا كلنا في العالم العربي نحن مع ان يقوى معسكر الاعتدال العربي وتكريس جهودنا بما في ذلك سورية من اجل حل القضايا العربية بما في ذلك قضية السلام وقيام دولة فلسطينية..وانا ذهبت شخصيا وتحدثت أمام الكونغرس والاتحاد الاوروبي حول القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين..بالاضافة الى قضية لبنان التي يجب ان تحل وان تنتهي معاناة الشعب اللبناني وان يعيش هذا الشعب في بلده امنا مستقرا بهدوء ممارسا حقوقه بروح تلك الحقوق0

دمشق ومعسكر الاعتدال..

أجوبة الملك كانت واضحة جدا، فموقفه من سورية والشعب السوري موقف ايجابي، بل قال انه يعرف الرئيس بشار منذ زمن بعيد ويحب له الخير وان يكون داعما لمعسكر الاعتدال العربي،أما القمة فالملك يجيب بايجابية وان كان هناك الماح غير مباشر الى حاجة العرب الى مواقف سورية ايجابية قبيل القمة، خصوصا على صعيد الملف اللبناني وذلك من اجل مشاركة عربية فاعلة وعلى مستوى كبير، وهو امر اطرحه على سبيل الاستنتاج،اذ لم يقله الملك مباشره.

علاقة تاريخيه..

العلاقة الاردنية الفلسطينية،هي علاقة تاريخية فللاردن اطول حدود مع فلسطين تتجاوز 600 كيلو متر والعلاقة مع الشعب الفلسطيني علاقة تاريخية وقديمة عبر مئات السنين،ويتأثر الاردن بشكل مباشر بما يحدث في فلسطين،ويواصل الاردن علاقته مع الفلسطينيين عبر الجسور،وعبر قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس،وخلافات الاردن مع حركة حماس لا تتعلق بالجانب الفلسطيني الداخلي منها،اذ انها تمثل جانبا من الفلسطينيين في نهاية المطاق،لكنها تتعلق بالجانب الامني ، ومحاولات حماس الاقتراب من الاردن باعتباره ساحة خلفية وهو ما يعتبره الاردن محرما ، خصوصا بعد اعلان الاردن عن اكتشاف اسلحة هربتها حماس الى الاردن قبيل شهور وبرغم ذلك واصل الاردن ارسال مساعداته الى الضفة الغربية وغزة التي تعد اعلى مساعدات عربية الى تلك المنطقه.

عدت وسألت جلالته حول ملف السلام وهل ستقوم دولة فلسطينية برأيه خلال العام الجاري وسط الظروف الموجوده؟ فقال جلالته..

امامنا العام الحالي لصنع السلام وهناك مفاوضات فلسطينية اسرائيلية وهناك مفاوضات فلسطينية اسرائيلية وهناك مواضيع حساسة مثل القدس واللاجئين وغير ذلك من قضايا،انا متفائل بالمفاوضات القائمة وعلينا ان ندعم الفلسطينيين ولا بد ان يكون هناك دور عربي واسلامي في لحظة ما قد ينهي الفلسطينيون والاسرائيليون معا/90 /بالمائة من القضايا ولكن العشرة بالمائة المتبقية بحاجة الى يد عربية واسلامية لدعم الجانب الفلسطيني فيها لاهميتها وخطورتها..نأمل خلال الشهور المقبلة ان نسمع عن تحسن ما على صعيد المفاوضات والدول العربية والاسلامية جاهزة لتقديم اي دعم،سورية من جانبها قادرة على المساعدة بحل مشكلة لبنان لانه ليس من مصلحة العرب ان تبقى كل الملفات مفتوحة بهذه الطريقه.

سندفع جميعا الثمن..

يضيف الملك..التوقيت حساس جدا هناك جدية اميركية لحل المشكلة الفلسطينية،امامنا شهور محدودة،الخطر يكمن اذا لم نستغل هذه الشهور،هذا يعني ادارة اميركية جديدة ،وقد نحتاج الى سنوات لاقناعها باهمية قيام دولة فلسطينية،هذا اذا حدث اقتناع،سندفع جميعا الثمن اذا بقيت ملفات مثل العراق ولبنان وفلسطين مفتوحة بهذه الطريقة،علينا ان ننجح في هذه الملفات لتخفيف وازالة الضغط عن المنطقة،فشل العرب في معالجة هذه الملفات يعني نجاح اطراف اخرى على حسابنا،على طريقة التضحية حتى اخر عربي .

فك الاشتباك..

يقول الملك ردا على سؤال حول بديل الدولة الفلسطينية اذا لم تقم؟..هذا هو تخوفي الاساسي ، على اخواننا في فلسطين ان يفكوا الاشتباك فيما بينهم ، قلقي الشديد ان تنفجر الامور ، وان يوصلنا البعض الى تبني السيناريو المرفوض الذي يريده البعض ،اي ان تتحمل مصر مشكلة غزة ،انا اقول لاخواننا الفلسطينيين ان عليهم فك هذا الاشتباك،فالنتيجة خطرة عليهم جدا،وعلى كل المنطقة وقد لا نجد دولة فلسطينية ولا يتبقى شيء لقيام دولة عليه اذا استمرت هذه الحال فمن هو المستفيد الوحيد من هذه الحال ؟ اذا فكوا هذا الاشتباك ونجحت المفاوضات

الفلسطينية _ الاسرائيلية وحدث هناك دعم عربي واسلامي ودولي ف يمرحلة ما تكون قد احدثنا انفراجا كبيرا في المنطقة والا فالنتيجة حدوث اصطدام كبير بين الاطراف الفلسطينية نتائجه ستكون في غاية السوء .

ابتسامة غامضه..

حوار طويل مع جلالة الملك عبدالله الثاني تناول قضايا عربية واقليمية ودولية واذا كنا ننشر جانبا منه فقط فان المؤكد ان رؤية الملك هي سر حماية الاردن وسط هذا الاقليم فالاردن يدير وجوده بطريقة حصيفة تجعله لا يخسر الاشقاء العرب ولا يثير عداوات دولية وهو يدير التناقضات بطريقة مثمرة لصالح الاردن كذات المشهد الغريب الذي رأيته حال وصولي الى الاردن ثلج على القمم هواء بارد جدا شمس ساطعة واستقبال حار وهي المتناقضات التي تراها في مشهد واحد يديره الاردنيون بطريقة لا تسبب الارباك ولا الحدة ولا التصادم بل يأخذ الاردن خير كل جانب ويعالج سلبية كل جانب في هذا المشهد الذي ينطبق الى حد كبير على الاقليم وتناقضاته حين يستهدفك الاسرائيلي والايراني والعربي احيانا وتكون مهمتك فك كل هذه الاخطار والبقاء على الداخل مستقرا وامنا..لعل دليل ذلك ان حركة حماس التي استولت على المساعدات الاردنية قبل ايام لم تتمكن من دفع الاردن الى اتخاذ موقف سلبي فالاردن قرر رسميا الاستمرار في ارسال المساعدات وهو لا يرى في حماس عدوا الا في اطار اقتراب حماس من امنه الوطني اما ما تمثله حماس على الصعيد الفلسطيني الداخلي فهذا عائد للفلسطينيين ذاتهم وفي ذات الوقت يأتي الملك محذرا بقوة من الاشتباك الموجود وخطر ذلك على مستقبل القضية الفلسطينيه.

لفت انتباهي خلال اللقاء تفاؤل الملك بشأن الملف العراقي وانه لا بد ان يستقر العراق في نهاية المطاف غير ان تناولات الملك لملفات الاقليم تؤشر على ربط الملك فيما بين بعضها البعض واننا عربيا اما سندفع الثمن جميعا ويربح غيرنا اقليميا او اننا سنتمكن من الوقوف على اقدامنا من جديد .

وبعد اللقاء خطر على بالي تسأؤل..لماذا لا يتوفر للبنان مثل هذا القائد الذي قاد بلاده في ظروف اقليمية مضطربة ووسط جغرافية الشرق الصعبة..وخرج من أزمات عديدة مستخدما الحسم عندما يجب والطيبة عندما تجب؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد