أكذوبة الحرب على الإرهاب

mainThumb

11-08-2015 09:15 AM

 
 
(حصري السوسنة )
 
 
في صراعها من أجل البقاء والاستعلاء والتسلط , فان الأنظمة في العالم العربي قادرة دائما على اختلاق  بضاعة وسوق في كل مرحلة لإشغال الشعوب عن فسادها وافسادها ونهبها لمقدرات وحريات وكرامات الشعوب العربية .
 
 ففي الخمسينات والستينات ( من القرن العشرين ) عندما كانت الانقلابات هي السائدة في العالم العربي , كان البيان الأول لأي انقلاب هو اعلان الانقلابيين عن هدفهم لتحرير فلسطين , وما زادوا قضية فلسطين وشعبها الا شقاء ومتاعب , وهم متفقون على الا تكون للفلسطينيين هوية ولا وطن ولا دولة ولا تحرير للمغتصب منها , الى درجة ان بعض الأنظمة بنى شرعيته واستمراره وقضيته الوهمية على  انهاء الهوية الفلسطينية, والادعاء بتبني القضية الفلسطينية في الخطاب الداخلي والخارجي ,  بينما كانت العلاقة والاتصالات واللقاءات الحميمة تجمعه مع الصهاينة وراء الكواليس.
 
 
 
وعندما طفح الكيل بالشعوب العربية وبدلا عن الانقلابات المعتادة التي يقوم بها العسكر، قامت ثورات الشعوب السلمية المسماة الربيع العربي , واستطاعت الأنظمة وبمباركة صهيو أميركية، اجهاض هذه الثورات وقمع الشعوب وتشريدها واذلالها وتخريب الأوطان ,  وإقناع الناس ان ثورات الشعوب العربية هي  سبب خراب البلاد وتشتيت العباد، ووضعت الأنظمة الناس بين خيارين احلاهما سم زعاف: اما الدمار والشتات، واما القبول بالطاغوتية والتجبر والتعذيب والفساد والمفسدين في الأرض وهم هذه الأنظمة ومن حولهم، ومن لا يقبل بذلك فأمامه شبح العقوبة بجريمة ممارسة الإرهاب الذي خلقه المثلث الصهيوني الأميركي والأنظمة الطاغوتية.
 
  الثورات العربية / الربيع العربي قامت في غياب المفكرين والمثقفين , وهم الفئتان اللتان قضت عليهما الأنظمة بمباركة صهيو أميركية , لان أي بلد او ثورة او مجتمع او اصلاح او تغيير لا يمكن ان يتم و/ او يأخذ مساره الصحيح بدون المفكر أولا والمثقف ثانيا ثم تحرك الشعوب ثالثا , وان أثمن واهم واخطر وأدوم شخص في المجتمع هو المفكر , وقد عملت الأنظمة الشمولية المستبدة في العالم العربي على القضاء على المفكرين والمثقفين , وحولوا اهتمام الناس الى الراقصين والراقصات والتعري والساقطين والساقطات, ودعم الشذوذ الجنسي بحجة الحرية الشخصية ,  لتكون هذه ثقافة الشباب , بدلا من الثقافة الوطنية والفكر الوطني والديني , وبذلك نجد المتناقضات وهو التطرف في الانحلال والعهر الذي يقابله تطرف بالتزمت والدين.
 
  وبذلك صار الانسان العربي  حائرا بين خيارات متناقضة هذه الأيام , بين أنظمة مجرمة فاشلة قاتلة , وبين ثورات فاشلة أيضا بسبب الجهد الأميركي والصهيوني لإفشالها , وبين اتهامه بالإرهاب وتقويض الأنظمة  ان طالب بحريته,  ولكن أيا من الطرفين لم يتطلع الى الحل الثالث وهو إرادة الشعوب من خلال الصناديق , ولكن اميركا ترفض ان تكون هناك ديموقراطية وحرية وحقوق انسان في العالمين العربي والإسلامي , لان ذلك سيؤثر سلبا على سرقة النفط وامن إسرائيل والمصالح الاستعمارية , لان الشعوب لن تقبل بالإهانة التي تقدمها الأنظمة , لو كان لدى هذه  الشعوب حرية التعبير والتحرك والعدالة والمساواة .
 
  النتيجة المباشرة لقمع الثورات على أمريكا والدول الغربية بسبب دعمها للأنظمة المستبدة المجرمة ان هذه الدول الاستعمارية اغرقت (بضم الالف) بطوفان الشعوب العربية المهاجرة اليها من جحيم القتال والدعم الغربي للأنظمة العنصرية التي تقوم بالإبادة والقتل والتدمير والتطهير العرقي لأهل البلاد وذلك بدعم امريكي وروسي وغربي وفارسي وطاغوتي.
 
   وبذلك فان الدول الأوروبية تدفع ثمن دعمها لهذه الأنظمة المجرمة، وسوف يهيمن السكان الهاربون على هذه الدول الغربية بسبب الانتقام للنفس وسرعة التكاثر والقدرة على العمل والتجارة بما يفوق قدرة أبناء الغرب، وبذلك هيأت هذه الدول الأرضية لاحتلالها من قبل الشعوب العربية المسلمة الهاربة من جحيم الأنظمة المدعومة من الغرب، فقط لان هذه الدول تريد امن إسرائيل فقوضت امن بلادها، وكانت بغنى عن هذا كله لو انها دعمت الحرية والديموقراطية والعدالة وحقوق الانسان وقاومت الأنظمة المجرمة في بلادنا العربية
 
  ثم نأتي الى ما يحدث في الأردن وهو ليس استثناء، ولكن بعد حماية الله لنا ولبلادنا، فان حرص العشائر الأردنية على البلاد والامن هو من يؤدي الى الامن والاستمرار والاستقرار والازدهار، ولا يوجد أي سبب غير هذا مهما سمعنا من الابواق والنفاق، ولكن إجراءات الدولة بالأردن تقوم على اساس خلق الظروف لاشتعال الإرهاب بين ظهرانينا. وأول هذه الأسباب اكذوبة الحرب على الإرهاب، فالأولى هو تحصين الجبهة الداخلية، وهناك أكثر من مليون شاب سوري وعراقي موجودين بالأردن عالة علينا ينهبون مقدراتنا ويأخذون فرص عمل الاردنيين، وكل منهم يتاجر بقضيته على حسابنا ويأخذون المساعدات بشرعية اردنية. وبدل ارسال أبنائنا للحرب نيابة عنهم بحجة الحرب على الإرهاب، فعليهم هم ان يقاتلوا في بلادهم والا يكونوا مثل بني إسرائيل عدما قالوا لسيدنا موسى (اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون).
 
الحل الحقيقي والحرب الحقيقي على الإرهاب هو تجميع هذه القطعان السورية والعراقية من الشباب من سن ال 18 وما فوق وسوقهم الى بلادهم ليحاربوا من اجل كرامتهم، فمن لا يغار على كرامته ووطنه ولا يحارب من اجلهما فلسنا البديل الذي يقوم بالحرب نيابة عنه وهو غير مرغوب في بلادنا ولن يستقر او يستمر في الأردن مهما توهم هو ومن يحميه ويدعمه.  وبدون ذلك، يصبح الحرب على الارهاب اكذوبة كبيرة، فلماذا يموت ابناؤنا على التراب السوري والعراقي، لينعم أبناء سوريا والعراق بخيرات الأردن على تراب الأردن، فالقضية قضيتهم وليست قضيتنا.
 
    وهل إذا حررنا سوريا والعراق ستسمح هذه القطعان الضالة للأردنيين ان يمتلكوها او يحكموها. الجواب بدون تردد: لن يسمحوا لنا اطلاقا. وسيقاتلوننا اكثر من قتالهم لأي عدو , واذا كانوا مهتمين بمحاربة الإرهاب فالأولى ان يكونوا في مقدمة الصفوف , ان حربهم على الإرهاب ليس الا لغوا من القول , واما القتال الحقيقي فيريدوننا ان نقوم به وهم نيام ينهبون خيرات بلادنا , يريدون لنسائنا ان يكن ارامل لتبقى نساؤهم تنعم بحياتهن , ويريدون لأولادنا ان يكونوا ايتاما لكي لا يكون عندهم يتيما , هذه بلادهم وقضيتهم وعلى الدولة بالأردن ان تسوقهم بالقوة الى هناك , وعلى الدولة ان توقف مهازل الاحتلال السوري للأردن عبر ثلاثة ملايين ونصف تغلغلوا كالسرطان بالأردن , وهذا هو الإرهاب الحقيقي والذي يحتاج الى حل وليس الحرب نيابة عنهم .
 
   الإرهاب الحقيقي هم هؤلاء والخلايا النائمة من السوريين والعراقيين ومن لف لفهم او جاء معهم او تحت مظلتهم، والإرهاب الحقيقي هي الخلايا النائمة التي تحتاج الى حرب حقيقي بالاجتثاث وسحب الجنسيات التي تم استصدارها بطرق غير شرعية وهو ما بينته لاحد المسؤولين عدما التقيته لهذه الغاية (ولكن لا حياة لمن تنادي فمن الباب للمحراب كلها قابضة كما يقول المثل الأردني). وكما قال الشاعر العربي الجاهلي دريد بن الصمة
 
أمَرْتُهُمُ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى = فلَمْ يَسْتَبِينُوا الرُّشْدَ إلا ضُحَى الغَدِ
 
فلمَّا عَصَوْني كنْتُ منهُمْ وقد أرَى = غِوَايَتَهُمْ وأنَّني غيرُ مُهتَدِ
 
ومَا أنَا إلا من غَزِيَّةَ إنْ غوَتْ = غوَيْتُ وإنْ تَرشُدْ غزَّيَةُ أَرْشُدِ
 
وإنْ تُعقِبِ الأيامُ والدهرُ تعلمُوا = بَني قاربٍ أنَّا غِضَابٌ بِمَعْبَدِ
 
فطَاعَنْتُ عنهُ الخَيْلَ حتَّى تَبَدَّدَتْ = وحتَّى عَلاني حالِكُ اللَّوْنِ أَسْوَدُ
 
طِعَانَ امْرِئٍ آسَى أخَاهُ بنَفْسِهِ = وأَعْلَمُ أنَّ المَرْءَ غَيْرُ مُخلَّدِ
 
     وسوف يقرع الأردنيون وكل مسؤول سن الندم عندما يجد ان كل من استقبلوهم وساعدوهم من السوريين والعراقيين وغيرهم كثير، لن يدافعوا عن الأردن بل سيكونون أعداء للأردن وسينضمون الى الأعداء او يتركوننا وشاننا نجابه الموت من اجلهم وهم هاربون، فان سلمت الأردن (وسوف تسلم بإذن الله لان لها اهل يحمونها ولا يتركونها للذئاب والكلاب) عادوا يطالبون بالحقوق ولن يجدوها. وهذا شأن كل من قدمنا الاحسان اليه، ولن يكون السوريين والعراقيين استثناء ابدا.
 
    اذن لماذا نحارب خارج حدودنا نيابة عن الاخرين، سوى ان الامر اشغال للأردنيين اننا نواجه إرهابا خارجيا، (ونحن في الحقيقية نواجه إرهابا اخر في الداخل أيضا) وأقول هنا، انه إذا لم يتم سوق هذه القطعان التي خربت الأردن الى ساحات القتال للقتال في بلادهم او في مخيمات مغلقة، فان حربنا على الإرهاب سيكون اكذوبة لا علاقة لها بالإرهاب، مؤكدا ان الإرهاب إذا دخل ارضنا فان هذه القطعان ستكون الخلايا النائمة التي ستؤازر الإرهابيين، وسوف تشن حربا على الأردن وأهله
 
     ليس هذا فحسب، بل ان الأردنيين الذي فقدوا أعمالهم وفرصهم ووظائفهم وامالهم بالحياة بقرار من الدولة بالأردن، ولصالح الوافدين، فانهم (أي الأردنيون) سيتحولون الى العمل المرعب عندما يجدون ان ليس من خيار الا ذلك، وفي قيام شاب أردني من عشيرة اردنية عريقة كريمة بالدوس على جواز السفر الأردني في كندا وحصوله على الجنسية الكندية درس وعبرة لكل من يهمه الامر في الداخل والخارج.
 
     فالأردني يتحمل الى درجة محدودة وهو بشر وليس حديدا او حجرا، بل انسان لديه مشاعر وكرامة وانفة وعزة وحياء ، ولا يجد من الدولة بالأردن الا القمع والاحتقار والاذى والاقصاء والتطنيش والتهميش والنظرة الفوقية ضده في بلده، واهانة الكرامة الوطنية والشخصية والسياسية , على انه أدني من غيره وهو الانسان الابي العصي، عندما يكتشف الأردنيون ان الثورات العربية تم افشالها من قبل الصهاينة والامريكان والأنظمة الطاغوتية، حينها سيكتشفون ان عدونا الأول هم الصهاينة والفرس والامريكان والطواغيت والخانعين (المتصهينين) الذين تركوا بلادهم ليأخذوا خيرات بلادنا
 
الحرب على الإرهاب التي نراها حاليا هي اكذوبة كبيرة بل هي (أي الحرب) دعم للإرهابيين والمتطرفين واعداء الأردن، وان الغرض من هذه الحرب ليست الا لإشغال الأردنيين عما تم من قبل ويتم الان من فساد ونهب ومديونية وحرب حقيقي على الحرية والعدالة والديموقراطية وحقوق الانسان، والأخطر من ذلك عمليات التجنيس التي تجري على قدم وساق سرا وجهارا، وفتح الأردن على أوسع ابوابه للخلايا النائمة والقطعان السورية والعراقية. وان الأردن هو الضحية الأولى، وان أهله وهويته هم المستهدفون بالاقتلاع والاجتثاث،
 
  وإذا لم تقم الدولة بالأردن بتجميع هؤلاء السوريين والعراقيين وكل من لا يحمل الجنسية الأردنية في معسكرات ومخيمات، وإذا لم يتم تطهير الأردن منهم والزامهم السكن بالمخيمات، فان حرب الإرهاب ستشتعل في داخل الأردن، وستحرق البلاد والعباد، ولن تبقى محصورة خارجه. وانني اراها ولا اتمناها..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد