أزمة الأسعار .. هل يتحول الفريق الوزاري إلى مراقبي تموين؟

mainThumb

23-09-2007 12:00 AM

لا بد من تطوير آلية مؤسسية للمستقبل عناصرها الأساسية باتت معروفة

بذلت الاجهزة الحكومية جهودا استثنائية للسيطرة على انفلات الاسعار مع بداية رمضان وتمكنت من كبح جماحها عبر اجراءات غير تقليدية واتباع اسلوب المراقبة المكثفة والضغط المتواصل على التجار لتخفيض الاسعار. واضطر رئيس الوزراء والوزراء لممارسة دور مراقبي التموين بانفسهم طيلة الايام الماضية. لكن الاستمرار على هذا الحال غير ممكن على المدى البعيد اذ لا يمكن للبخيت وحكومته ان يتركوا اعمالهم ويتفرغوا لهذا العمل.

هناك ضعف واضح في ادوات الرقابة على الاسواق وجودة المنتجات المعروضة وحتى يوم امس نفذت الى الاسواق شحنة ارز يقول تقرير رسمي "انه لا مضروب كليا ولا جزئيا" فهل المطلوب من الفريق الوزاري النزول الى الاسواق لجمع الكميات الموزعة على مئات المحال التجارية.

محنة الاسعار التي مرت بها البلاد في الاسابيع الاخيرة مرشحة للاستمرار في المرحلة المقبلة بفعل عوامل خارجية وداخلية ويستحيل مواجهتها بحلول مؤقتة وجزئية وينبغي استثمار الوقت من الان لاستخلاص العبر من التجربة وتطوير آلية مؤسسية جديدة للتعامل مع متغيرات السوق وحماية المواطنين من موجات الارتفاع المستمرة في الاسعار وفي نفس الوقت ضمان تقديم مواد غذائية صالحة للاستهلاك البشري.

تجربة الاسواق الموازية مثلا تحتاج الى مأسسة في المرحلة المقبلة بحيث تتحول الى اسواق دائمة باسعار تفضيلية وقد يتطلب ذلك دعما حكوميا لها لتتمكن من البيع باسعار تنافس الاسواق العادية.

كما ينبغي ان تبادر الحكومة الى تشكيل لجنة انذار مبكر من ممثلي القطاعات التجارية المعنية سواء أكانوا مستوردي مواد غذائية او تجارا او منتجي الخضراوات والفواكه لمواجهة اي تغيير في الاسعار بشكل سريع واحتواء الازمات قبل وقوعها.

ولضمان بناء نظام متكامل للاسواق البديلة قادر على امتصاص التداعيات السلبية لارتفاع الاسعار على الفقراء لا بد من تعزيز دور المؤسستين "الاستهلاكية المدنية والاستهلاكية العسكرية" والنظر في الاعفاءات الجمركية والضريبية التي يمكن منحها لمستورداتها وعدم الاعتماد بشكل دائم على وسيط محلي لاستيراد البضائع من الخارج.

في السنوات الاخيرة نشأت في الاردن اشكال متعددة للصناعات الغذائية الصغيرة التي تعتمد على المنتجات الاردنية من الخضار والفواكه والالبان واللحوم تديرها جمعيات تعاونية تتلقى مساعدات ومنحا خارجية وتحظى باعفاءات ضريبية يمكن لهذه الجمعيات التعاونية وبدعم من الحكومة فتح اسواق عامة لبيع منتجاتها الى الجمهور مباشرة وباسعار مخفضة وسيكون ذلك حافزا للكثير من الشباب لتأسيس جمعيات مماثلة نكرس من خلالها فكرة العودة الى الارض واعادة الاعتبار للقطاع الزراعي. ففي الندوة الحوارية التي نظمتها الجمعية الاردنية للثقافة والعلوم شعر المشاركون بالصدمة عندما سمعوا من نقيب تجار المواد الغذائية ان الاردن بات يستورد العدس المجروش من سورية بسعر يزيد على 900 دولار للطن والمفارقة اننا اصبحنا نستورد مادة غذائية تعتبر غذاء الفقراء الرئيسي.

اذا كانت الحكومة جادة فعلا في تأسيس منظومة متكاملة لحماية الفئات الشعبية من النتائج الكارثية لسياسة السوق الحرة واعادة انتاج انماط اقتصادية جديدة, فلديها خزان كبير من الافكار والاقتراحات الخلاقة, التي يمكن توظيفها لهذه الغاية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد