درس من عمال النفط العراقيين

mainThumb

05-09-2007 12:00 AM

يستأنف البرلمان العراقي مناقشة ما يسمى بقانون النفط. ولا اريد هنا ان اضيف شيئا عن ما كتبه الخبير النفطي العراقي عصام الجلبي ولا عن ما ورد في بيان الخبراء العراقيين من نقاط تظهر خطورة اقرار هذا القانون الذي يتم تحت جنازير الاحتلال وبما يتوافق مع مصالح شركاته, وبالتالي فهو قانون نهب وسرقة ثروة الشعب العراقي ومخزونه التنموي الاستراتيجي لقرن مقبل.

ما يشدّني للكتابة عن الموضوع, محاولة التركيز على موقف عمال النفط العراقيين الذين بادروا بالمسيرات والبيانات للتعبير عن احتجاجهم وتحذيرهم من اقرار هذا القانون, فموقف العمال ونقابتهم يمثل موقفا وطنيا في زمن قلّت فيه المواقف الوطنية التي تدافع عن الوطن العراقي كله بعيدا عن شعارات الطائفية والاثنية الغارقة في وحل الفتنة والمحاصصة والانقسام والحرب القذرة.

انه درس من عمال النفط لسياسيين وزعماء فشلوا حتى اليوم في خلق جبهة وطنية موحدة لمواجهة الاحتلال وانقاذ العراق. وحتى المقاومة, رغم كل ما حققته من انجازات ضد الاحتلال, لا تزال ابعد ما تكون عن صورة المقاومة الوطنية الموحدة التي تمثل جميع العراقيين, من شيعة وسنة واكراد وتركمان ومسيحيين .. الخ. وهو امر, للأسف, اوجد خلاصة سياسية تحولت الى قناعات في عواصم عربية ودولية مؤثرة, تقول بان بقاء الاحتلال افضل للعراقيين من زواله, لان انسحاب القوات الامريكية يعني حرباً اهلية مدّمرة بين الطوائف والاحزاب والحارات والعشائر و(المقاومات) بما يقود الى تقسيم العراق وتدمير بنيته الوطنية وحفر انهار من الدماء في اركانه!!.

من اجل النفط والاستيلاء عليه كان الاحتلال الامريكي البريطاني ومؤامرة تدمير الدولة والمجتمع في العراق؟. واي مقاومة ضد الاحتلال لا معنى لها اذا لم تسع الى اعادة بناء الدولة والمجتمع في وحدة وطنية, بل انها اسهام اضافي لتحقيق اهداف الاحتلال, وهي (1) الغاء العراق من على الخريطة السياسية الاقليمية لصالح امارات متصارعة, (2) الاستيلاء على النفط واهدار فرص استثماره لخير الشعب كله.

لا معنى ابداً, لعراقي يرفع شعار اقامة دولة طائفية او اثنية في محافظتين او ثلاث, في نفس الوقت الذي يزعم فيه بانه يريد الحفاظ على ارض بلده ووحدة شعبه!! ولا معنى لمقاومة ضد الاحتلال من قبل منظمات ترفع شعارات وايديولوجيات مذهبية تقسيمية, بين سنّة وشيعة, او بين شيعة وشيعة وسنّة وسنّة, فالمقاومة من مثل هذه المنظمات براء لانها ليست مقاومة وطنية وهي اخطر على الشعب العراقي وعلى الاسلام من قوات الاحتلال, والدليل ان ضحاياها اضعاف اضعاف ما تقتله من جنود الاحتلال.

في النفط عبرة من لمن يعتبر. وعندما تعلن المصادر الامريكية, وآخر ذلك كان يوم امس الاول, بان 15 مليون دولار تسرق يومياً من نفط العراق لصالح المليشيات, فان الدرس المستخلص, ان هذه المليشيات تخدم مصالح زعمائها فيما يغوص العراقيون بحفرة القتل على الهوية والتهجير, ان ارصدة هؤلاء الزعماء تسّمن في البنوك بينما العراقي يسبح في عرقه بغياب الكهرباء والدواء ويحرم من ابسط متطلبات المعيشة والعيش الآمن.

مشكلة العراق الاولى في مليشياته المذهبية وفي مقاوماته الاسلامية القائمة على المذهبية والطائفية واستحضار الفتن من عمق التاريخ الاسود لتبرير استباحة الأخ دم أخيه, في وقت وطأت فيه بساطير جيوش العالم ومرتزقتها ارض العراق واستباحت دماء ابنائه وثرواتهم وابسط مظاهر كرامتهم.

تعلموا الدروس من عمال النفط, فبترول العراق للوطن كله, مثلما يجب ان تكون مقاومة الاحتلال لابناء العراق جميعا وبذلك تكون مقاومة وطنية, سواء كانت سياسية أم عسكرية, وبغير ذلك من هويات وذرائع هي في خدمة الاحتلال.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد