أسلمة فتح و علمنة حماس

mainThumb

02-09-2007 12:00 AM

تبدّلت الأدوار والمواقع والمواقف بين فتح وحماس وبصورة تثير الأسف وتدعو للسخرية. و"حرب الشرعيات" التي اندلعت بين القطبين لا يبدو أنها ستضع أوزارها قريبا ، وآخر صيحاتها الصراع على "المسجد" و"الساحات العامة" و"صلاة الجمعة".
فتح ، العمود الفقري للحركة الوطنية (العلمانية) الفلسطينية ، تشكو هيمنة حماس على المساجد وتحويلها إلى منابر للهجوم على فتح والسلطة ، وهذا أمر فعلته حماس في السابق ، وهي تفعله اليوم كما تقول مختلف المصادر ، وهو أمر غير مقبول ومدان ، بيد أننا نذكر فتح ، بأنها في "عز" سيطرتها على القطاع ، لم تدخر وسعا لإبعاد حماس عن المساجد ، لا لتحييد هذه الأخيرة ، بل لتجييرها أيضا لصالح فتح والسلطة ، وتلزيمها لأنماط من الوعاظ والدعاة المحسوبين عليها.
وحماس التي وضعت "أسلمة" المجتمع والسلطة في صدارة أولوياتها ، "تدرس" جديا إمكانية اللجوء إلى منع الصلاة في الأماكن العامة ، لكأن الصلاة ما عادت جائرة إلا في المساجد الخاضعة للتوجيه السياسي والتعبوي لحركة حماس ، أو لكأن الحركة الإسلامية الفلسطينية تخشى دخول منافس قوي لها على خط "امتيازها وتميّزها": الصلاة والمسجد ، فحماس نشأت ونمت على "جذع المسجد" وتحت قباب المساجد ومآذنها ، عززت الحركة سلطتها ونفوذها في أوساط شعبها ، والمؤكد أنها ما زالت تذكر دور الصلوات في الأماكن العامة ، ويوم الجمعة تحديدا ، كوسيلة للحشد والاحتجاج والتعبئة والتنظيم طالما لجأت إليها الحركة وهي في المعارضة والسلطة على حد سواء.
للفلسطينيين تجربة خاصة مع صلاة الجمعة وفي الأماكن العامة تحديدا ، فالاحتشاد في ساحات الأقصى و"ما حوله" من طرق وشوارع وزواريب وحارات وساحات ، كان الوسيلة الأنجع للذود عن هويته في مواجهة رياح التهويد ، وكان الوسيلة لإدامة الانتفاضة في القدس الشريف ، وكان منصة للوحدة والتوحد الفلسطينيين ، ومن المؤسف حقا أن يتجاهل الفلسطينيون هذا التقليد في مواجهة الاحتلال والاستيطان والتهويد ، وأن يعودوا لاستحضاره في مواجهة بعضهم بعضا.
ولا ندري إذا ما استمر حال الانقسام الفلسطيني على منواله كيف ستنتهي عملية تبادل المواقع بين فتح وحماس وهما في ذروة اصطراعهما على السلطة: هل تنتقل فتح إلى ضفاف الأسلمة نكاية بسلطة حماس ، وهل تستعير حماس "علمانية" فتح لقطع الطريق على خصومها؟... لا ندري فكل شيء جائز في صراع الاخوة الأعداء على "السلطة الأسيرة" في قطاع غزة ، بما في ذلك استخدام الدين أو الكف عن استخدامه في الصراع السياسي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد