القبضة الصارمة غير المألوفة ضد العشائر الأردنية بدأت تبرهن على انها خرقاء بامتياز. فاشلة بتفوق، ومثيرة للعشائر ومنفرة لهم من الدولة ومحفزة للتشوف الى أمور لا تريدها الدولة وأجهزتها ولا يقدرون عليها , حيث نرى مظاهر التمرد والانفجار تطل براسها في أي وقت وبدون سابق انذار وبدون معرفة النتائج الكارثية. فالجهات الرسمية تعالج كل شيء بالأردن من خلال الاعتقال والتنكيل والمراقبة والملاحقة والاذى والاذلال والسجن وعدم التسامح للشخص واسرته، والحرب بلقمة عيشه والتخوين والاقصاء والتهميش، وهي أساليب لم تألفها عشائرنا الأردنية حتى في الأيام الأخيرة من حكم الطورانيين في نهاية العصر العثماني.
يبدو ان الدولة لا تعرف قانون الطبيعة وهو ان كثرة الضغط تولد الانفجار، ولا تعرف ان الأردنيين يرفضون الاغلاق عليهم منافذ التنفس والحياة والحرية، وحتى عندما كان اباؤنا يصنعون الفحم ويضعون الحطب تحت التراب ويشعلون به النار كانوا يتركون لهذه المفحمة منافذ وتنفيسات لتخرج منها غازات إذا بقيت لم يتحول الحطب الى نار او قد تنفجر المفحمة، فلا يكون الفحم ولا يبقى الحطب مكانه.
الدولة في الأردن تتصرف كالديك الذبيح وتحاول اكل وابتلاع العشائر أكلا لما، وتحب الاضطهاد والقمع والاذى لنا حبا جما، فبدأت تنفلت الأمور من عقالها، فبعد رعايتها لاحد الأحزاب سبعين عاما ضيقت عليه بطريقة غير مدروسة، فوجد هذا الحزب له حاضنة في أبناء العشائر، ليس حبا منهم للحزب وافكاره وانما كرها منهم للدولة على أساس (عدو عدوي صديقي ) ومنعتهم من اللقاء في عمان فالتقوا في العشائر والقرى والمدن الخارجية عن عمان وهي مدن الشرعية والهوية الحقيقية للأردن والاردنيين لأنها مدن العشائر النبيلة الاصيلة, التي لم تعد مع الدولة ابدا .
فالسياسة الرسمية المتبعة الان هي ان يتم قمع العشائر الأردنية تحديدا، ولكن لهذه العشائر حسابات أخرى لا تأتي بما تشتهيه سفن سياسة القمع والتنكيل والاعتقال وحبس انفاس الناس، بينما يسمح للطوفان السوري وغيره من الطوفان البشري الغريب ان يعمل ما يشاء من تدمير البنية التحتية ومنظومة القيم الأردنية الثقافية والأخلاقية والتراثية والهوية والشرعية والاقتصادية والاجتماعية، وينظر الينا نحن الأردنيين اننا قوة تشكل خطرا على الدولة ونحن الاقدر والأحرص على منع الخطر عن بلادنا .
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الدولة ان هناك مخططا إرهابيا ترعاه إيران وإذا بالسفير الإيراني يتناول الإفطار في مضارب عشيرة أردنية عريقة وقوية وتدعي الدولة ان لا مجال ولا مكان فيها لغير الدولة التي تمارس القمع والتنكيل، وقالت الدولة ان الأمور تسير تمام التمام وإذا بالحزب المطارد يتناولون الإفطار عند قبائل ومدن الشرعية والهوية والوطنية، ولا نجد صوتا اخر في هذه العشائر والأماكن يؤيد الدولة او يرفض ولائم الإفطار هذه.
عندما تحضر الوفاة لأردني في الخارج فالدولة تمنع عشيرته من إقامة العزاء له وتخترق هذه الدولة واحدا من أقدس عاداتنا، ونص عليها الشرع الحنيف (اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم) واهمها وهي تقبل العزاء وتقديم العزاء لثلاثة أيام، وما عرفت هذه الدولة ان ذلك يتحول الى كبت يضاف الى قائمة مكونات الكتلة الحرجة للانفجار.
الدولة بالأردن لا تفهم أي أسلوب للتعامل مع العشائر الأردنية سوى أسلوب السجن ( انظروا الى السجون وهي مفعمة متخمة بأبناء العشائر الأردنية المحترمة بحجج واهية ) , ولا تفهم ولا تمارس الا القمع والاذى والكبت والتجويع والتركيع والازدراء , وهي الأساليب المرفوضة من عشائرنا الأردنية رفضا تاما , وان عشائرنا لا يمكن ان تبقى مكتوفة الايدي إزاء هذه السياسة الخرقاء بينما لا زال الفاسدون والرويبضات والحاقدون والمفسدون والنكرات يتحكمون بمفاصل الدولة , ولا نجد اية إشارة الى الإصلاح والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان التي أصبحت من محرمات هذه المرحلة برعاية أميركية وبرعاية السفيرة الأميركية المشغولة في طرح سؤال لامتحان الأردنيين وجاء بالصيغة التالية :( "هل تعرف الفرق بين الصخر الزيتي والنفط الصخري؟), ونجن نسالها ( هل تعرفين بين مهمتكم كسفيرة ومهمتكم كمندوب سامي ؟).
وكلما كتب ابن عشيرة كلمة زجوا به بالسجن، فلا تسامح مع أبناء العشائر وانما التسامح مع غيرهم فقط، ولم تعد تطيق العشائر هذا الأسلوب الفوقي المؤذي المهين، فنحن الأردنيون شعب جبلنا على الحرية والانفة والكرامة، ولا يمكن لدولة ان تسير بنا عكس عجلة الزمن والتاريخ والطبيعة ابدا، وإذا اصرت وهي كذلك فإننا كعشائر قد نستحي سياسيا وقتا ما او فترة ما ولكن ليس كل الوقت والفترة.
من المعروف ان أسلوب القمع يؤدي بأي شعب الى ثلاث مراحل، فهو ناجح على المدى القصير جدا، وفاشل على المدى المتوسط حيث تبدأ الاختراقات (ونحن الان في هذه المرحلة)، ومدمر للدولة على المدى البعيد. هذا لدى الشعوب التي ليست عشائر، اما لدى شعب مثلنا نحن وكلنا عشائر والحمد لله، فان هذا الاسلوب قد ينجح لسنة او سنتين لكنه فاشل بامتياز ومدمر للدولة على المدى المتوسط والطويل، أقول مدمر لبنية الدولة ولكنه يعيد بناء العشائر بطريقة تنسج فيها دروع الحماية الذاتية.
ان ما تقوم به الدولة انما هو أسلوب تعوزه الحكمة وبعد النظر وسنشهد اختراقات أخرى بأحجام هائلة وحينها سترى الدولة مدى الحجم الهائل للخلايا النائمة بسبب السياسات الخرقاء، وحينها يكون الأوان قد فات، ولا ينفع الندم. وكما يقول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد